لا أستطيع دفع نفقة طليقتي بسبب خالي وزوج خالتي فما الحكم؟ «الإفتاء» تُجيب

لا تزال أغلب المشاكل الزوجية السبب الرئيسي فيها هو ضعف شخصية الزوج، وتدخل الأهل والأقارب في الخلافات البسيطة؛ فتتصاعد الخلافات وتصبح مشكلات عاصية عن الحل، وتكون نهايتها الطلاق، ودمار البيوت، وشتات الزوجة والأطفال.

ولعل الإسلام الحنيف حين أسس لتكوين أسرة زوجية سوية، نحى جانبًا تدخل الأهل، والأقارب في الخلافات الزوجية البسيطة، وجعل التدخل فقط من الأهل للحكماء ذوي العقل الراشد، والفهم الواعي، فقال تعالى في سورة النساء، والتي تجمع كافة حقوق وواجبات المرأة، وتحفظ سلامة البيوت وإقامتها: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾، ولم يدع الإسلام أمر إدخال الأقارب في مشاكل الزوجين على المشاع بل خصّص من الأهل أصحاب الحكمة والرشاد؛ حتى يمنع أصحاب النفوس المريضة من استغلال المشكلات لتحقيق ما تحمله نفوسهم من حقد وغل تجاه الزوجين.

والعجيب أنك ترى الآن الأهل، والأقارب يتدخلون في المشكلات البسيطة لتصعيدها، وإفشال البيوت، وخرابها؛ لمصلحتهم الشخصية فهذا خاله أخذ ماله الذي اقترضه له لعمل مشروع استثماري، وتسبب في طلاق زوجته، بل وبعدها تعثّر في دفع نفقتها الشرعية لابتلاع أقساط القرض معظم راتبه، فتضيع حقوق الزوجة التي تسبب الأقارب في خراب بيتها، بل وفي دمار بقية حياتها في ظل تعثر طليقها عن سداد حقوقها من النفقة وغيرها.

«الأقارب عقارب»

ولعل استخدام العرب هذا المثل هو تشبيه في محله أحيانًا؛ فأضحى حكمة شعبية انتشرت بين العامة فتجدهم يقولون: «الأقارب عقارب»، ووجه الشبه ما يلحق الشخص من أضرار بسبب تدخل الأقارب في حياته مثل ما يلحقه من ضرر لدغة العقرب؛ وعليه فقد وردنا سؤال من المواطن «حاتم در...» يقول فيه: «إن خالي وزوج خالتي أخذا مني مبلغًا من المال يقدَّر بـ ٤٠٠ ألف جنيه لعمل مشروع استثماري، ولكنهما لا يريدان رد المبلغ خاصة وأنني جمعت المال عن طريق قرض بنكي يخصم منه أكثر من نصف راتبى لأقساط القرض، وباقي راتبي لا أستطيع الإنفاق منه على بيتي، أو سداد النفقة الشهرية لأولادى ونفقة طليقتي، فما حكم الشرع في هذا؟

وأجابت دار الإفتاء، عن السؤال بأنه إذا ثبت لدى القاضي بطريقة ما إعسار الزوج فله أن يحكم بالنفقة على أهل الزوجة ممن تجب عليه نفقة المرأة إذا لم تكن متزوجة، ثم تعود بذلك على الزوج إذا أيسر حاله المادي.

وحال كون خاله وزوج خالته سببًا في إعساره، وعدم قدرته على دفع نفقة المطلقة، فإنهم يلتزمون معه بتوفير النفقة الشهرية، وخصمها من حقوق الزوج لديهم من مال الذي كان استودعه إياهما للاستثمار.

بنك ناصر ودعم المطلقات

ويدعم بنك ناصر الاجتماعي، من خلال صندوق نظام تأمين الأسرة المطلقات حال امتناع الملزم بالنفقة عن أدائها؛ إذ يتم صرف النفقات للزوجة أو المطلقة والأبناء والوالدين، عن طريق التقدم بطلب لفرع بنك ناصر الواقع بدائرة محل إقامة طالب التنفيذ على النموذج المعد لهذا الغرض، الذي يصرف مجانا مرفقا به الصورة التنفيذية للحكم أو الأمر الصادر بالنفقة معلنة إعلانا قانونيًا صحيحًا، وصورة بطاقة الرقم القومي والبيانات المتاحة عن المنفذ ضده.

عقوبة الامتناع عن النفقة قانونًا

ووفق القانون رقم 6 لسنة 2020 لتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والذي يعد أحد أهم القوانين التي كفلت حقوق ملايين المطلقات المعطلة نفقاتهن، فإن المادة الأولى منه نصت على أن: كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع لمدة ثلاثة شهور، بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمس آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا ترفع الدعوى عليه إلا بناء على شكوى من صاحب الشأن، وإذا رفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة.

ويترتب على الحكم الصادر بالإدانة تعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتى أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال.