هل يجوز التنازل عن الميراث قبل الوفاة؟.. دار الإفتاء تجيب


ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، جاء مضمونه: "أريد الزواج من سيدة على أن يكتب كل منا للآخر تنازلًا عن ميراثه منه بعد وفاته، فهل هذا جائز؟".
وجاء رد دار الإفتاء كالتالي:
هناك من الناس من يريد الزواج الثاني، ولا يريد إشراك غير أسرته الأولى في الميراث؛ حتى لا تفاجأ بالزواج بعد وفاته حال كون الزواج الثاني لا تعلم به الأسرة الأولى، أو حتى لا يكون مانعًا من الموافقة عليه من الأسرة الأولى إن كانوا على علم به، وقد تكون هناك صور أخرى تدفع بعض الناس لهذا الفعل المسئول عنه.
وهذه الحالة تعدُّ إسقاطًا للحق قبل وجود سببه؛ لأن الوارث يسقط حقه في الميراث قبل وفاة المورث.
والحكم في هذه الحالة يكون بعدم الجواز؛ وبعدم الاعتداد بهذا التنازل.
والدليل على ذلك هو أن وفاة المورث سبب لانتقال الميراث إلى الوارث؛ ومعلوم أن السبب هو ما جعله الشارع علامة على مسبِّبه وربط وجود المسبب بوجوده وعدمه. فيلزم من وجود السبب وجود المسبب، ومن عدمه عدمه، فهو أمر ظاهر منضبط، جعله الشارع علامة على حكم شرعي هو مسببه، ويلزم من وجوده وجود المسبب، ومن عدمه عدمه. انظر: "أصول الفقه" للشيخ عبد الوهاب خلاف (ص: 117، ط. دار القلم).
كما أن الميراث يدخل في ذمة الوارث إجباريًّا؛ أي اضطراريًّا لا يستطيع دفعه، وليس اختياريًّا كالهبة والوصية مثلًا يملك فيهما الموهوب له والموصى له دفع المال ولا يقبله.
وبمثل هذا صرح بعض أهل العلم؛ ففي "رد المحتار" (6/ 758، ط. دار الكتب العلمية): [(قَوْلُهُ أَوْ بِالضَّرُورِيِّ) أَي الْإِرْثِ، وَالِاخْتِيَارِيِّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ] اهـ.
ومما تقدم يتبين عدم جواز اشتراط عدم التوريث بين الطرفين في عقد النكاح، وأنَّ الراجح إذا تم الاتفاق على هذا الشرط حصول صحَّة العقد وبطلان الشرط؛ فيجري التوارث بين الزوجين بحسب ما هو مشروع ومعلوم من الدين الإسلامي الحنيف .. والله سبحانه وتعالى أعلم.