آفة تسريب الامتحانات تصيب الجميع.. وخبيرة تربوية: فساد التعليم خطر يهدد الأجيال القادمة


شهدت الفترة الأخيرة عودة ظاهرة تسريب الامتحانات مرة أخرى، حيث امتد تأثيرها على المراحل التعليمية المختلفة، إذ يتساءل المراقبون عن السبب وراء عجز وزارة التربية والتعليم عن مواجهة هذه الظاهرة، وكيف تحولت إلى أمر روتيني يعتاد عليه الطلاب وأولياء الأمور، مطالبين بضرورة البحث عن حلول فعّالة للتصدي لهذه الظاهرة ومنع تكرار حدوثها.
وفي سياق متصل بموضوع تسريب الامتحانات، توجد طلبات إحاطة في البرلمان تتهم بعض قيادات وزارة التربية والتعليم بتسريب الامتحانات، حيث يطالب البرلمانيون باتخاذ إجراءات فورية لمواجهة هذا الأمر وتحديد المسؤوليات، مؤكدين أهمية العمل الحازم للحفاظ على نزاهة العملية التعليمية وتحقيق جودة التعليم.
وتعقيبا منها على طلبات الإحاطة في مجلس النواب التي تتهم بعض قيادات وزارة التربية والتعليم بتسريب الامتحانات، أوضحت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، أنه من الطبيعي وجود بعض الفاسدين بين الكوادر الإدارية، مُشيرة إلى أن هذا الأمر يمكن أن يكون نتيجة لسلوك بعض الأفراد داخل الوزارة، سواء كانوا مسؤولين كبار أم موظفين عاديين.
وأكدت أنه لا يجب تسليط اللوم على الجميع بشكل عام، حيث أشارت إلى أن الفساد قد ينشأ من بعض الأفراد الفاسدين أو نتيجة لفهم غير صحيح للإجراءات، داعية إلى فحص القضية بشكل دقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المسؤولين الفاسدين دون الإساءة إلى سمعة الوزارة.
وأشارت عبد الرؤوف في تصريحات لـ "مصر 2030" إلى أن بعض الموظفين في وزارة التربية والتعليم قد يتحدثون دون قصد أو فهم أمام الآخرين بشكل غير ملائم حول موضوع الامتحانات، موضحة أن هذا النقاش لا يلغي وجود الفساد، خاصةً أن مصر تعاني من تاريخ طويل لحوادث تسريب الامتحانات، كما كان يحدث من قبل بعض الموجهين أو المدرسين الذين كانوا يشاركون في وضع الامتحانات.
وأضافت أن بعض هؤلاء المدرسين كانوا يقدمون تلك الامتحانات لطلابهم خلال الدروس الخصوصية، بهدف الحصول على شهرة بأن توقعاتهم لشكل وأسئلة الامتحانات كانت صحيحة دائما، مما يؤدي إلى جذب الطلاب إلى حصصهم وبالتالي زيادة مكاسبهم وتحصيلهم المادي بسبب زيادة الطلاب المقبلين على دروسهم.
واستنكرت الخبيرة التربوية تورط البعض في أي فساد، سواء كان ذلك في مواقعهم الإدارية أو مناصبهم أو وظائفهم، مشددة على أن الفساد يحمل تداعيات سلبية تؤثر على الجميع وتؤثر حتى على هياكل الحكومة نفسها، مؤكدة أن فساد التعليم، وخاصةً فيما يتعلق بالغش وتسريب الامتحانات، يحمل خطورة كبيرة؛ إذ يسبب ضررًا لأجيال المستقبل وبالتالي يؤدي إلى الأذى في المجتمع بأكمله.
وبينت أن هذا النوع من الفساد يؤثر على جودة التعليم ويضعف قيمه، مما يعرض التعليم للخطر ويعرقل التقدم والتطور الفعّال في المجتمع، داعية إلى ضرورة مكافحة الفساد في المجال التعليمي بكل حزم وتعزيز قيم النزاهة والنموذجية في مؤسسات التعليم.
أكدت عبد الرؤوف على أن الفساد في الوزارات الأخرى، على الرغم من أنه ضار ومرفوض، إلا أن آثاره تقتصر عادةً على سلعة أو مجال معين، ولكنها أشارت إلى أن الفساد في وزارة التربية والتعليم يمتاز بأنه يمتد إلى أبعد من ذلك، حيث يكون فسادًا مجتمعيًا، موضحة أن الفساد في هذا السياق يؤدي إلى تكوين أجيال تعتاد على الغش وتفتقر إلى احترام المبادئ، وتتأقلم بشكل سلبي مع الرشوة والفساد.
وأعادت التأكيد على أن الآثار السلبية للفساد في مجال التعليم ليست محصورة داخل حدود الوزارة بل تتجاوزها لتشمل المجتمع بأكمله، مشددة على أهمية التوعية بخطورة هذا النوع من الفساد والتصدي له بشكل فعّال لضمان استمرارية نظام تعليمي نزيه وفعّال.
وترى الخبيرة التربوية أن الجميع يتحمل مسؤولية الفساد في مجال التعليم، سواء كان ذلك من قبل القيادات الفعلية في وزارة التربية والتعليم، أو من قبل الأسر والمجتمعات التي تتسامح مع الغش حتى أصبح ظاهرة وتحول إلى ثقافة عامة بين أفرادها.