العدالة المناخية: من يدفع ثمن أزمة لم يصنعها؟


رغم أن أزمة المناخ تهدد كوكب الأرض بأكمله، فإن تداعياتها لا تُقسّم بعدل بين شعوب العالم. من هنا ينبثق مفهوم "العدالة المناخية" باعتباره دعوة لإعادة التفكير في توزيع المسؤوليات والموارد، والتركيز على إنصاف الفئات والمجتمعات الأقل إسهامًا في التسبب بالأزمة، والأكثر تضررًا منها.
ماذا تعني العدالة المناخية؟
العدالة المناخية ليست مجرد قضية بيئية، بل هي قضية أخلاقية وإنسانية، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الإنسان، والتنمية، والمساواة. وفقًا لتعريف الأمم المتحدة، تعني العدالة المناخية "ضمان أن لا يتحمل الأفراد أو المجتمعات الأشد ضعفًا أعباء التغير المناخي، في الوقت الذي يكون لهم فيه الحق المتساوي في الحماية والدعم".
الجنوب يدفع الثمن
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن أقل 10% من الدول الملوِّثة مسؤولون عن أكثر من نصف الانبعاثات التاريخية، بينما تتحمل الدول النامية – مثل دول إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا – أسوأ آثار تغير المناخ من فيضانات وجفاف وتصحر.
في مصر، يُقدَّر أن دلتا النيل – إحدى أكثر المناطق الزراعية كثافة – مهددة بالغرق نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، ما يهدد حياة أكثر من 10 ملايين شخص خلال العقود القادمة، حسب تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
التمويل المناخي.. وعد لم يتحقق بعد
رغم تعهد الدول المتقدمة في مؤتمر كوبنهاغن 2009 بتوفير 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية بحلول 2020، لم يتم الوفاء الكامل بهذا الالتزام حتى اليوم. ووفق تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن التمويل المناخي في عام 2022 بلغ نحو 89.6 مليار دولار فقط، معظمها في شكل قروض.
العدالة المناخية في الصحافة
في هذا السياق، تلعب الصحافة دورًا حاسمًا في تسليط الضوء على التفاوتات المناخية، وكشف غياب العدالة في السياسات البيئية، وتوصيل أصوات المجتمعات المهمشة التي لا تملك منابر للدفاع عن حقوقها. فعندما يُغرق تغير المناخ قرية صيد صغيرة، أو يُجبر مزارعًا على هجر أرضه، تصبح هذه القصة المناخية قضية إنسانية يجب أن تُروى.
خلاصة: لا عدالة مناخية دون عدالة اجتماعية
إن معالجة أزمة المناخ تتطلب أكثر من خفض الانبعاثات، بل تتطلب معالجة جذورها السياسية والاقتصادية. فالعدالة المناخية ليست رفاهية، بل شرط أساسي لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. ويجب أن تُضمن السياسات البيئية حقوق الشعوب في الغذاء والمياه والصحة والمسكن، على قدم المساواة.