تفشٍ خطير لأمراض شللية بين أطفال غزة وسط انهيار النظام الصحي ونقص الإمدادات
كشفت مجلة بوليتيكو الأوروبية في تقرير صحفي حديث عن تفشي أمراض فيروسية نادرة وخطيرة في قطاع غزة، تُسبب شللًا حادًا لدى الأطفال، وسط أزمة إنسانية خانقة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي ونقص الغذاء والدواء.
ووفقًا للطواقم الطبية في غزة، فقد ساهم تدمير إسرائيل للبنية التحتية، خصوصًا شبكات الصرف الصحي، في انتشار فيروسات معوية قاتلة، مشابهة لتلك التي تسببت في تفشي شلل الأطفال العام الماضي. ويشهد القطاع اليوم ارتفاعًا حادًا في حالات الإصابة بالشلل الرخو الحاد، وهي متلازمة نادرة تؤدي إلى ضعف عضلي شديد قد يعيق التنفس والبلع.
وقال الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر في خان يونس، إن المستشفى سجّل قرابة 100 حالة إصابة بهذه المتلازمات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، مقارنة بحالة أو حالتين سنويًا في السابق. وأضاف أن الحالات تشمل "التهاب النخاع الرخو الحاد" ومتلازمة "غيلان باريه"، وغالبيتها بين الأطفال.
وأشار التقرير إلى أن الانهيار التام للبنية الصحية في القطاع، والنقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية، أدى إلى تفاقم الوضع الصحي، ما يُنذر بكارثة إنسانية متسارعة، خصوصًا مع تفشي الأمراض المعدية في بيئة تعاني من تلوث المياه وغياب الصرف الصحي.
وأكدت تحاليل مخبرية أُرسلت إلى الأردن وإسرائيل وجود فيروسات معوية (Enteroviruses) شديدة العدوى تُنقل عبر المياه الملوثة والبيئة غير الصحية، بعضها مرتبط بفيروس شلل الأطفال، مع بؤر تفشٍّ في مناطق مثل خان يونس التي تغمرها مياه الصرف الصحي المكشوفة.
وأشارت منظمة الصحة العالمية في بيان لها إلى تسجيل 32 حالة شلل رخو حاد بين الأطفال دون سن 15 عامًا حتى نهاية يوليو، موضحة أن هذا العدد يعكس انهيار خدمات الصرف الصحي والتغذية والرعاية الصحية، رغم تحسن نظام الرصد جزئيًا.
وبيّنت بيانات المنظمة أن 70% من العينات المفحوصة أظهرت إصابات بفيروسات معوية غير شلل الأطفال، مقارنة بـ26% في الأعوام السابقة، في دلالة على تفاقم الأزمة الصحية في غزة بشكل غير مسبوق. كما أشارت إلى أن نقص الإمكانات التشخيصية والفحوصات يجعل التقييم السريري الدقيق شبه مستحيل حاليًا.
من جهته، أوضح مدير مستشفى الشفاء في غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، أن الطواقم الطبية شخصت 22 حالة إصابة بمتلازمة غيلان باريه، توفي منهم ثلاثة مرضى، بينما أصيب 12 آخرون بالشلل ونُقلوا إلى مراكز إعادة التأهيل، في ظل محدودية خيارات العلاج.
وعلى الصعيد الدولي، تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل، حيث وصفت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، ما يحدث في غزة بأنه "يبدو إلى حد كبير كجريمة إبادة جماعية" – في أقوى تصريح أوروبي من نوعه حتى الآن، وهو ما تنفيه إسرائيل.
