مهمة الملياردير ستيف ويتكوف في موسكو لفرض إنهاء حرب أوكرانيا
المبعوث الأمريكي ينصح الكرملين بـ "أسلوب التسويق" لمخاطبة ترامب، ويكشف عن التنازلات الإقليمية المطلوبة.
خطة السلام المسربة تطالب أوكرانيا بالتنازل عن الأراضي المحتلة وتحديد سقف دائم لحجم جيشها.
كييف وحلفاء الناتو يرفضون شروط "الخطة المائلة لروسيا" ويقدمون مقترحات مضادة لحظر توسع الحلف.
أولاً: خلفية المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف
يقوم بمهام الوساطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا شخصية غير تقليدية في السلك الدبلوماسي، وهو المبعوث الرئاسي الخاص لمهام السلام، ستيف ويتكوف.
ويتكوف ليس دبلوماسياً محترفاً بل مطور عقاري وملياردير، وهو مؤسس ورئيس مجموعة ويتكوف العقارية (Witkoff Group)، وتقدر ثروته بنحو ملياري دولار.
• الخلفية التعليمية والمهنية
ولد ويتكوف ونشأ في لونغ آيلاند، وحصل على بكالوريوس في العلوم السياسية ودكتوراه في القانون من جامعة هوفسترا.
بدأ مسيرته المهنية كمحامٍ متخصص في العقارات، ثم تحول إلى الاستثمار وتطوير العقارات في نيويورك وميامي، حيث كان له دور في الاستحواذ على مبانٍ تاريخية كبرى.
• العلاقة مع ترامب والمسار الدبلوماسي
تعود علاقة ويتكوف بالرئيس دونالد ترامب إلى عام 1986، عندما التقيا لأول مرة عبر العمل، وتطورت العلاقة التجارية لاحقاً إلى صداقة شخصية متينة. هذه العلاقة هي التي دعمت تعيينه في المناصب الدبلوماسية العليا، مما يعكس تفضيل ترامب لأسلوب "الرجل الذي ينجز الصفقات" على الخبرة الدبلوماسية التقليدية. بدأ ويتكوف مسيرته الدبلوماسية مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط (2025)، ونجح في وساطة تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة. وفي يوليو 2025، تم تعيينه مبعوثاً خاصاً لمهام السلام، موسعاً نطاق عمله ليشمل أوكرانيا.
• مواقف سابقة مثيرة للجدل
ما يزيد من تعقيد مهمة ويتكوف في موسكو مواقفه السابقة التي تميل بوضوح نحو الرواية الروسية. ففي عام 2018، عارض ويتكوف العقوبات المفروضة على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم.
كما أشاد بالرئيس بوتين ورأى أن حلف الناتو كان له دور كبير في استفزاز الصراع. وعبّر ويتكوف عن اعتقاده بأن غزو روسيا لأوكرانيا "لم يبدأه بالضرورة" الروس، مؤكداً أن بوتين ليس مهتماً بغزو بقية أوروبا، بل فقط بالجزء الجنوبي الشرقي الذي ضمته روسيا.
ثانياً: تفاصيل المهمة والرد الروسي
من المقرر أن يتوجه ستيف ويتكوف إلى موسكو الأسبوع المقبل على رأس وفد أمريكي لإجراء محادثات حول مقترح السلام الذي أعدته إدارة الرئيس ترامب لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات.
• الرد الروسي وتأكيد الزيارة
أكد يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية، زيارة ويتكوف، قائلاً: "بالنسبة لويتجوف، يمكنني القول إن هناك اتفاقاً أولياً على أنه سيزور موسكو الأسبوع المقبل". لكنه أصر في الوقت ذاته على أن الكرملين لم يتسلم بعد مقترح السلام الأمريكي بشكل رسمي ومفصل، مضيفاً أن الاتصالات جارية، بما في ذلك عبر الهاتف.
• خلفية جهود السلام
تأتي زيارة ويتكوف في خضم تسارع ملحوظ في الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الصراع، سبقتها محادثات في أبو ظبي وجنيف.
ويهدف هذا النشاط المكثف إلى فرض إيقاع سريع وغير مسبوق لإنهاء الصراع، متجاوزاً الآليات الدبلوماسية المعتادة.
ثالثاً: أسلوب ترامب و"دبلوماسية التسريب"
شهدت جهود ويتكوف الدبلوماسية خرقاً خطيراً كشف عن طريقة عمل المبعوث الأمريكي في محادثاته مع الجانب الروسي، وعزز أسلوب ترامب غير التقليدي في الدبلوماسية الدولية الذي يقوم على مفهوم "صانع الصفقات" (Dealmaker).
• توجيه الكرملين
كشف تسجيل صوتي لتاريخ 14 أكتوبر 2025 عن محادثة هاتفية بين ويتكوف وأوشاكوف، قدم فيها المبعوث الأمريكي توجيهات تكتيكية للمسؤول الروسي حول كيفية مخاطبة الرئيس ترامب لضمان نجاح المقترح. وقد نصح ويتكوف بوتين بأن يقوم بالاتصال بترامب لتهنئته على صفقة غزة وإظهار الاحترام له باعتباره "رجل سلام".
• التنازلات المطلوبة
الأهم من ذلك، كشف التسريب أن ويتكوف أخبر أوشاكوف بصراحة أن الثمن الحقيقي لصفقة السلام سيكون "دونيتسك وربما تبادل للأراضي في مكان ما". ورغم خطورة هذا الكشف الذي يقوض الحياد الأمريكي، إلا أن البيت الأبيض لم ينفِ صحة التسجيل.
• دفاع ترامب عن الأسلوب
دافع الرئيس ترامب عن نهج مبعوثه ووصفه بأنه "إجراء تفاوضي قياسي"، موضحاً أن دور ويتكوف هو "بيع هذه الصفقة لأوكرانيا... وبيع أوكرانيا لروسيا"، مؤكداً أن هذا هو "ما يفعله صانع الصفقات".
كما انتقد ترامب أوكرانيا لـ "انعدام الامتنان" لجهود الولايات المتحدة لإنهاء الصراع.
رابعاً: تفاصيل خطة السلام المسربة ورد الفعل الدولي
تستند المفاوضات الحالية إلى مسودة أمريكية أولية مكونة من 28 نقطة، تم تسريبها ووُصفت بأنها "تميل بشكل كبير" نحو المطالب الروسية.
• التنازلات الإقليمية وقيود السيادة
تنص الخطة على تجميد الصراع عند خطوط التماس القائمة حالياً في مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا، مما يسمح لروسيا بالاحتفاظ بمدن استراتيجية مثل ماريوبول وتأمين ممر بري حيوي يؤدي إلى شبه جزيرة القرم. وتطالب الخطة بأن تتنازل أوكرانيا عن الأراضي التي تحتلها روسيا. وتفرض الخطة قيوداً دائمة على أوكرانيا، بما في ذلك تحديد سقف لحجم جيشها عند 600,000 جندي، كما تتضمن شرطاً لعدم قيام الناتو بالتوسع مستقبلاً.
• الضمانات الأمنية المشروطة
تضمنت الخطة الأصلية ضمانة أمنية أمريكية مشروطة لكييف في حال حدوث غزو روسي جديد، تدعو إلى "رد عسكري منسق وحاسم".
لكن هذه الضمانة ستُلغى إذا قامت أوكرانيا بإطلاق صواريخ على موسكو أو سانت بطرسبرغ دون سبب. كما طالبت الخطة بعودة روسيا إلى مجموعة الثماني (G8).
• رد الفعل الأوكراني والأوروبي
أدت المفاوضات المستعجلة التي قادتها كييف مع واشنطن في جنيف إلى التوصل إلى إطار "محدث ومنقح" للسلام، تعهدت فيه الولايات المتحدة وأوكرانيا بالتزام أي اتفاق نهائي بـ "دعم سيادة أوكرانيا بالكامل".
وفي الوقت ذاته، قدمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مقترحاً مضاداً يهدف إلى جعل الخطة "أكثر فائدة لأوكرانيا"، مطالبين بحذف البند المتعلق بحظر توسع الناتو.
خامساً: الآفاق المستقبلية وتحديات المهمة
تتمثل مهمة المبعوث ستيف ويتكوف في موسكو في دمج التناقضات الهائلة بين الرغبة الروسية في انتصار إقليمي ودبلوماسي، وبين الإطار المنقح الذي تم التوصل إليه مع كييف ويؤكد على السيادة الكاملة.
• تحدي التوقعات الروسية
على الرغم من أن بوتين وصف الخطة الأمريكية بأنها توفر "الأساس" للتفاوض، إلا أن ويتكوف يواجه الآن توقعات الكرملين التي عززها بنفسه عبر المكالمات المسربة التي أكدت ضرورة التنازل عن دونيتسك.
• تأثير الوضع العسكري
تستمر الحرب كخلفية جيوسياسية للمفاوضات، حيث تكافح القوات الأوكرانية لصد التقدم الروسي في مواقع متعددة. هذا الوضع العسكري يزيد من الضغط التفاوضي للحصول على صفقة سريعة.
• الاختبار الحقيقي للسلام
الاختبار الحقيقي لزيارة ويتكوف هو ما إذا كانت إدارة ترامب مستعدة لمواجهة الكرملين نيابة عن حلفائها الأوروبيين. إذا فشل في تأمين تعديلات جوهرية مستمدة من جنيف أو من المقترح الأوروبي، فمن المرجح أن ينظر إلى الصفقة النهائية على أنها إملاء أمريكي-روسي على كييف، ما سيهدد بانهيار التضامن الغربي في مواجهة موسكو.


















