أبو الغيط: الفلسطينيون تعرضوا لحرب غاشمة والسودان يعيش أكبر كارثة إنسانية
القى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة أمام المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط، الذي استضافته مدينة برشلونة في 28 نوفمبر 2025، بمشاركة وزراء ومسؤولين من دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
واستهل أبو الغيط كلمته بتوجيه الشكر إلى خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، على حسن الاستقبال والتنظيم، كما أعرب عن تقديره لكايا كالاس، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، ولأيمن الصفدي، وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية.
وقد وجّه تحية خاصة للسفير ناصر كامل، أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، مشيداً بجهوده في دفع المنظمة نحو مزيد من الفاعلية والإنجاز.
وأكد أبو الغيط، أن الشعب الفلسطيني تعرض خلال العامين الماضيين لـ"حرب غاشمة ومقتلة حقيقية" هي الأشد منذ نكبة عام 1948، مشيراً إلى أن الهدف كان — ولا يزال — نزع الأرض من الشعب أو تشريد الشعب من الأرض.
وقال إن الاحتلال الذي ظن البعض أنه "يمكن أن يدوم بكلفة بسيطة" كشف اليوم عن ثمن باهظ يتجسد في أكثر من (67) ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، ومجتمع "تم محوه تقريباً" مع تدمير البنية الأساسية وحرمان السكان من مقومات الحياة الطبيعية.
وشدد على أن استمرار الاحتلال بات "وصفة لاستمرار العنف والكراهية وانعدام الاستقرار الإقليمي"، وأن المجتمع الدولي عاد مجدداً إلى الحقيقة الجوهرية وهي استحالة بقاء الوضع على ما هو عليه.
وتناول أبو الغيط خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ذات العشرين نقطة لمعالجة وضع غزة، وقرار مجلس الأمن (2803) الذي منح الخطة شرعية دولية، مشيراً إلى وجود عزم دولي على تنفيذ المرحلة الثانية، رغم محاولات إسرائيل — بحسب قوله — تخريب وقف إطلاق النار وعرقلة دخول المساعدات والمواد الضرورية للتعافي المبكر، بما فيها مستلزمات النظام الصحي.
وأشاد الأمين العام بمواقف أوروبية "مشرّفة وبنّاءة" انتصرت لقيم العدالة والإنسانية، مؤكداً أن الفلسطينيين كسبوا تعاطفاً عالمياً واسعاً، وأن حركة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ستظل عاملاً محورياً في ترسيخ القضية على الأجندة الدولية.
وأشار إلى الإجماع العالمي على إعلان نيويورك الذي رسم خريطة واضحة لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكداً أهمية عدم الاكتفاء بوقف إطلاق النار باعتباره "مجرد خطوة"، بينما الهدف الأساسي هو التوصل إلى تسوية دائمة.
ودعا إلى مواصلة الجهد العربي–الأوروبي المشترك لتحقيق الدولة الفلسطينية باعتبارها مفتاح الاستقرار في الإقليم والمتوسط.
وانتقل أبو الغيط إلى الأزمة السودانية، محذراً من حرب "مدمّرة" تهدد وحدة البلاد، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة صنفت السودان بوصفه "أكبر كارثة إنسانية في العالم" مع وجود نحو 9 ملايين نازح و3.5 مليون لاجئ.
ودعا إلى هدنة إنسانية تمهيداً لتسوية سياسية شاملة، مؤكداً ضرورة الحفاظ على وحدة السودان ومؤسساته وقواته المسلحة، مرحباً بجهود الرباعية العربية–الأميركية لوقف الحرب.
كما رحب بخارطة الطريق الأممية لتوحيد المؤسسات الليبية وإجراء الانتخابات، معتبراً أن توقيع ممثلين عن مجلسي النواب والدولة على اتفاق البرنامج التنموي الموحد يمثل خطوة مهمة في اتجاه توحيد المؤسسات، ويفتح المجال لتسويات أوسع تلبي تطلعات الشعب الليبي وتعيد الاستقرار للبلاد.
وتطرق الأمين العام إلى التحديات التي تواجه فضاء البحر المتوسط، ومنها قضايا المناخ والطاقة والأمن الغذائي والهجرة والتنمية، إضافة إلى الأزمات والصراعات ومخاطر التطرف.
وأكد أن مواجهة هذه التحديات تتطلب عملاً متضافراً يقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، مشدداً على أن الجامعة العربية ستظل شريكاً موثوقاً وداعماً للتعاون العربي–الأوروبي.
وأشار إلى حرص الجامعة على تعزيز العلاقة المؤسسية مع الاتحاد الأوروبي، منذ توقيع مذكرة التفاهم عام 2015، مشيراً إلى التطلع الكبير لعقد الاجتماع الوزاري السادس والقمة العربية–الأوروبية الثانية، باعتبارهما محطة مهمة نحو بناء علاقة استراتيجية تحقق طموحات شعوب ضفتي المتوسط.
واختتم أبو الغيط كلمته بالتأكيد على أن البحر المتوسط سيظل — كما كان عبر التاريخ — جسراً للتواصل والتلاقح الثقافي وفضاءً رحباً للازدهار المشترك.


















