قلق أمريكي من تحسن العلاقات السعودية الروسية


هز قرار تحالف "أوبك+" خفض إنتاج النفط بشكل واضح العلاقات السعودية - الأمريكية، وأطلقت واشنطن بشكل صريح سهام اتهاماتها للرياض بالإنحياز لموسكو.
وجاء قرار التحالف بخفض الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل نفط يومياً اعتباراً من نوفمبر المقبل، في وقت تعاني الولايات المتحدة من ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، ومع قرب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وسط توقعات بخسارة الحزب الديموقراطي للأغلبية وذلك على وقع اتهامات من الحزب الجمهوري والرأي العام الأمريكي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بالفشل في حل أزمة الطاقة.
الولايات المتحدة غاضبة من السعودية
ولم تخف الولايات المتحدة غضبها من الرياض، حيث توعد الرئيس بايدن بأنه ستكون هناك عواقب ضد الرياض وسيعمل مع الكونغرس على "إعادة تقييم" العلاقات مع المملكة، واصفاً إياها بـ"المتحالفة مع روسيا".
كما يرى مراقبون أن نجاح صفقة تبادل الأسرى بين موسكو وكييف والتي تمت برعاية سعودية وتدخل مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في سبتمبر الماضي، أحد أبرز المؤشرات ووصول العلاقات بين السعودية وروسيا إلى مراحل متقدمة جداً.
تراجع أمريكي
وتأتي أزمة خفض الإنتاج لتزيد من الشرخ في العلاقات بين الرياض وإدارة الرئيس بايدن، الفاترة أصلاً على خلفية موافقه من المملكة فيما يتعلق بحرب اليمن والمفاوضات مع إيران وتصريحاته في قضية الصحفي الراحل جمال خاشقجي.
وكان بايدن يأمل أن تكون زيارته للمملكة في يوليو الماضي، قد أذابت الجليد مع الرياض خاصة أنه كرر هناك دعوته لدول الخليج برفع الإنتاج.
وحينها كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان صريحاً، حيث أكد خلال القمة الخليجية الأمريكية بحضور بايدن أن السعودية ستعمل على زيادة مستوى طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل نفط يوميا بحلول 2027، وبعد ذلك لن يكون لدى المملكة أي قدرة إضافية لزيادة الإنتاج".
كل هذه العوامل تشير بأن السياسية السعودية باتت تسير نحو تنويع الحلفاء بعيداً عن واشنطن، ويظهر ذلك جلياً في تحسن العلاقات مع موسكو حيث أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال خلال "منتدى الطاقة الروسية" (الأربعاء 12 أكتوبر الجاري) إن بلاده ستواصل العمل مع دول منظمة "أوبك" بقيادة السعودية.
تأثر التسلح
مع الحديث عن توتر العلاقات السعودية الأمريكية، يذهب الجميع إلى أن ذلك سينعكس على صفقات التسلح بينهما خاصة أن الولايات المتحدة تعد المصدر الأول للسلاح إلى المملكة، كما سبق وأعلنت إدارة بايدن، في يناير 2021، تجميد مؤقت لمبيعات الأسلحة إلى السعودية.
ولم يخفِ جيل سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي وجود نوايا بهذا الإطار، حيث قال في تصريحات صحفية في (الأربعاء 12 أكتوبر الجاري): "سننظر في موضوع مبيعات الأسلحة إلى جانب كل شيء آخر في العلاقات مع "الرياض".
كما سبق وأن اقترح مجموعة من النواب الديمقراطيين الأمريكيين مشروع قانون ينص على سحب جميع القوات من السعودية، إضافة إلى سحب أنظمة الدفاع الصاروخي.
وأكدت صحيفة "واشنطن تايمز"، (الأحد 9 أكتوبر الجاري) أن أعضاء من الكونغرس الديمقراطيين عبروا عن استيائهم من قرار "أوبك +" خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، وبناءً عليه تم اقتراح مشروع القانون بسحب القوات من الخليج.
ولم تصمت الرياض على هذه التهديدات حيث قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، (الأربعاء 12 أكتوبر) إن "مبيعات الأسلحة ووجود القوات الأمريكية في المملكة يخدم مصالح الولايات المتحدة".
كما سبق وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في يوليو الماضي، أن المملكة في حال عدم تمكنها من الحصول على معدات عسكرية أمريكية "فستبحث عن مكان آخر للحصول عليها، ستشتري أنظمة دفاع صاروخي أو أي أسلحة دفاعية وفقاً لأفضل الحلول لاحتياجات المملكة".
إيران وروسيا
يذهب مراقبون إلى الاعتقاد بأن مكاسب سياسية ستحققها السعودية في حالة حلت روسيا بدلاً من الولايات المتحدة بالملفات الإقليمية التي تزعج الرياض، كالملف اليمني، خاصة لما تتمتع فيه موسكو من علاقات قوية على إيران داعمة الحوثيين.
ورغم أن إدارة بايدن أكدت أنها "لن تهمل" تهديدات إيران خلال إعادة تقييم علاقاتها مع السعودية، إلا أن الرياض قد تستغني عنها في هذا الملف تحقيقاً لمصالحها في حالة وجدت "مميزات" لدى الروس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: إن "إدارة الرئيس بايدن لن تغض الطرف عن التهديد الذي تشكله إيران عند مراجعة علاقة واشنطن مع السعودية بعد قرار أوبك+ خفض إنتاج النفط".
وأضاف بريس في تصريح له، (الثلاثاء 11 أكتوبر الجاري): "هناك تحديات أمنية، بعضها ينبع من إيران وبكل تأكيد، لن نغض الطرف عن التهديد الذي تشكله إيران، ليس فقط بالنسبة للمنطقة، ولكن في مناطق أخرى أيضاً".