مرسي عطالله : القاهرة تراقب الموقف بالسودان وليبيا والشرق الأوسط


قال مرسي عطالله رئيس تحرير الأهرام الأسبق: أن الأحداث التي تدور في الفلك المصري جنوبه وغربه، وما يسببه لنا من ترقب لما يدور في السودان وليبيا، يجعل الأمر بالنسبة لنا هام وخطير.
ودعا قادة البلدين السودان وليبيا إلي تحكيم العقل والمنطق لإعادة الأمور إلي ما كانت عليه وبخاصة أصدقاء الأمس القريب في السودان ، وأن إستمر التوتر داخل بلدانهما لا يؤثر سلبا عليهما فقط بل قد يمتد لدول الجوار أيضا ويلقى بظلاله عليها.
منوهاً بالدور المصري في البلدين من أجل تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة في الخرطوم وطرابلس ـ لمنع حدوث فوضي في بلديهما .
إلى مقال مرسي عطاالله فى الأهرام:
كل يوم
ما الذى يجرى حولنا؟
بقلم مرسي عطالله
لا يمكن للذى يجرى حولنا فى دول الجوار المباشر أن يقابل منا بالصمت والترقب والانتظار لما ستأتى به الأقدار لأن ما يجرى فى ليبيا والسودان أمر يرتبط ارتباطا وثيقا بمرتكزات الأمن القومى المصرى على وجه الخصوص.
لعلى أكون أكثر وضوحا وأقول: إن مصر لا تملك ترف الصمت والترقب والانتظار بينما تتزايد احتمالات هبوب عواصف الفوضى مجددا فى الحزام الجنوبى والحزام الغربى لمصر.
أقول ذلك وأنا أعلم تماما أن مصر الرسمية معنية ومهمومة إلى أبعد حد بما يجرى فى البلدين الشقيقين فى إطار إستراتيجية عمل سياسى وفق أرفع درجات الحساب السياسى لضمان عدم انعزالنا عما يجرى حولنا وأيضا لتأكيد عدم انحيازنا لأى طرف هنا أو هناك!
وهنا تكمن عبقرية السياسة المصرية فى النأى بنفسها عن دوامة الشكوك والاتهامات والعقد والأزمات التى تغطى سماء المشهدين الليبى والسودانى – وإن اختلفت المفردات – حفاظا على حيادية ومصداقية الدور المصرى الذى لا بديل عنه عندما تتصافى النفوس وتصدق النيات باتجاه إنهاء الشقاق والخلافات وكل ما يعكر صفو الاستقرار المنشود فى البلدين الشقيقين.
وأكاد أسمع لسان الحال فى مصر يهمس فى أذن أشقائنا فى البلدين برسالة صريحة مفادها أن دروس الماضى القريب والبعيد تستوجب البحث عن نقاط الاتفاق بدلا من الانشغال بنقاط الخلاف وإذا كانت المبادرات السابقة التى طرحت قد تعثرت ونالها الفشل فليست تلك نهاية الدنيا وإنما يكفى الذى ضاع من الوقت والذى سال من الدماء والذى تهدم من البناء ولنبحث عن مبادرات وحلول أخرى بروح الحب الصادق والانتماء العميق للراية الوطنية وحدها وإسقاط كافة الرايات الأخري!
إن الأزمات مهما استحكمت والمشاكل مهما تعقدت ليست عصية على الحل وعلى الجميع من الفرقاء المختلفين مواصلة التعلق بالأمل مهما كان خيطه واهيا فى نظر بعض المتشككين أو المتربصين!
وأقول صراحة ودون تردد: إن الأطراف السياسية الفاعلة فى المشهدين الليبى والسودانى تتحملان مسئولية تاريخية فى هذه اللحظات العصيبة حيث يتحتم الإدراك بأنه لا فائدة من استمرار الخلافات التى تزيد من عمق الانقسام وتهدد الوحدة الوطنية وبعض المشاهد فى البلدين تعيدنا قرونا إلى الوراء بإعادة استدعاء أسلوب القبائل فى الحشد والاصطفاف ولا أظن أن ظروف المرحلة الراهنة وطبيعة العصر تسمح بمثل هذا العبث!
تلك هى الصورة التى أرى بعض ملامحها المؤسفة والمزعجة فى دولتى الحزام الجنوبى والغربى المجاور لمصر وأرجو ألا يفهم أحد أن فى ذلك شبهة الرغبة فى تصوير متشائم لما يجرى حولنا ولكننى على العكس من ذلك استشعر قرب قدوم رياح الأمل وانقضاء عواصف الفوضي!