«إنجاز باعجاز».. كيف حقق لاعبو كوت ديفوار أصعب بطولة في تاريخهم؟

شهدت بطولة أمم أفريقيا 2023 سيناريو مجنونًا لم يتوقعه أحد، حيث نجح منتخب كوت ديفوار في انتزاع لقب البطولة بعد رحلة مُثيرة مليئة بالتحديات.

استطاع منتخب كوت ديفوار في مواصلة هوايته في بطولة أمم أفريقيا لكرة القدم 2023 بالعودة من بعيد، وتوج بلقب المسابقة القارية للمرة الثالثة في تاريخه، بعدما قلب تأخره صفر / 1 أمام منتخب نيجيريا، إلى انتصار ثمين ومستحق 2 / 1، مساءالاحد، في المباراة النهائية للبطولة، التي استضافتها ملاعبه.

وعلى ملعب "الحسن واتارا" بمدينة أبيدجان الإيفوارية، بادر منتخب نيجيريا بالتسجيل عن طريق قائده وليام تروست إيكونج في الدقيقة 38، ليعود لهز شباك المنتخب الإيفواري للمرة الثانية في النسخة الحالية للبطولة، بعدما سبق أن سجل هدف منتخب (النسور الخضراء) الوحيد، خلال فوزه 1 / صفر في مباراة المنتخبين بمرحلة المجموعات، علما بأنه الهدف الثالث الذي يحرزه في أمم أفريقيا 2023.

وفي الشوط الثاني، أحرز فرانك كيسيه هدف التعادل لكوت ديفوار في الدقيقة 62، ليحرز هدفه الثاني في النسخة الحالية للمسابقة، قبل أن يضيف النجم سباستيان هالير الهدف الثاني في الدقيقة 81.

بهذا الانتصار، توج منتخب كوت ديفوار باللقب للمرة الثالثة بعدما سبق له الفوز بها عامي 1992 بالسنغال و2015 في غينيا الاستوائية، ليتساوى في عدد الألقاب مع المنتخب النيجيري، الذي أحرز كأس البطولة أعوام 1980 و1994 و2013، بقائمة أكثر المنتخبات فوزا باللقب.

وأصبح منتخب كوت ديفوار أول فريق يتوج بلقب أمم أفريقيا على ملعبه منذ المنتخب المصري، الذي أحرز كأس البطولة حينما استضافها بملاعبه في نسخة عام 2006.

كما أضحى منتخب كوت ديفوار، تاسع منتخب مضيف يتوج بكأس الأمم الأفريقية، بعد منتخبات مصر التي توجت باللقب على ملعبها أعوام 1959 و1986 و2006، وإثيوبيا (1962)، وغانا (1963 و1978) والسودان (1970) ونيجيريا (1980) والجزائر (1990) وجنوب أفريقيا (1996) وتونس (2004).

وبات هذا هو الفوز الثالث لمنتخب كوت ديفوار على نظيره النيجيري، في ثامن مواجهة بينهما بأمم أفريقيا، مقابل 3 انتصارات للنيجيريين، فيما فرض التعادل نفسه في مواجهتين.

وكانت هذه هي المباراة النهائية التاسعة في تاريخ أمم أفريقيا، التي انطلقت نسختها الأولى عام 1957، التي يلتقي فيها منتخبان تواجها من قبل في دور المجموعات.

كوت ديفوار العائد من الموت

وعانى منتخب كوت ديفوار من كثير من العثرات خلال مشواره نحو المباراة النهائية، حيث استهل مسيرته في المسابقة الحالية بالفوز 2 / صفر على منتخب غينيا بيساو في المباراة الافتتاحية، قبل أن يخسر صفر / 1 أمام منتخب نيجيريا.

وفي الجولة الثالثة (الأخيرة) من دور المجموعات، تلقى منتخب كوت ديفوار خسارة مروعة صفر / 4 أمام غينيا الاستوائية، ليصبح على أعتاب الوداع المبكر من الدور الأول للمسابقة، مكررا ما جرى له عندما استضاف المسابقة عام 1984 على ملاعبه، وذلك بعد حلوله في المركز الثالث بالمجموعة الأولى برصيد 3 نقاط، وبفارق أهداف -3.

ومع نهاية دور المجموعة، وخروج منتخب كوت ديفوار نظريا من البطولة، قرر الاتحاد الإيفواري لكرة القدم إقالة المدرب الفرنسي جان لويس جاسكيه، وتم إسناد المهمة مؤقتا لمساعده المحلي إيمرس فايي الذي قاد الفريق لبلوغ المباراة النهائية.

وعلى عكس التوقعات، لعبت نتائج المجموعات الأخرى بالدور الأول لمصلحة منتخب كوت ديفوار، الذي تأهل بما يشبه المعجزة لدور الـ16 بعد تواجده في المركز الأخير بقائمة أفضل 4 منتخبات حاصلة على المركز الثالث في المجموعات الست، ليضرب موعدا مع منتخب السنغال حامل اللقب.

ورغم تأخر منتخب كوت ديفوار في النتيجة مبكرا في لقائه ضد نظيره السنغالي بدور الـ16، تمكن من العودة للمباراة بعدما سجل هدف التعادل قبل نهاية الوقت الأصلي بأربع دقائق، قبل أن يطيح بمنتخب أسود التيرانجا من المسابقة عقب فوزه 5 / 4 بركلات الترجيح، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1 / 1.

وتواصلت دراما منتخب كوت ديفوار في مباراته ضد مالي بدور الثمانية، حيث تأخر بهدف قبل 20 دقيقة على نهاية الوقت الأصلي، غير أنه أدرك التعادل في الدقيقة 90، ثم انتزع ورقة الترشح للمربع الذهبي بتسجيله الهدف الثاني في الدقيقة الأخيرة من الوقت الضائع للشوط الرابع.

وعاد منتخب كوت ديفوار للظهور في النهائي القاري للمرة الخامسة في تاريخه والأولى منذ 9 سنوات، بعدما تغلب 1 / صفر على منتخب الكونغو الديمقراطية بالدور قبل النهائي.

جاءت المبادرة الهجومية من جانب منتخب كوت ديفوار، الذي هدد مرمى نيجيريا لأول مرة في الدقيقة الخامسة، حينما أرسل سيمون أدينجرا تمريرة عرضية من الجانب الأيسر إلى سباستيان هالير، الذي حاول التسديد داخل منطقة الجزاء، لكن الكرة مرت من أمامه لتخرج بجوار القائم الأيسر.

وقاد أدينجرا هجمة لكوت ديفوار في الدقيقة السابعة، حيث مر بالكرة من الجانب الأيسر، قبل أن يسدد من داخل المنطقة، غير أن الكرة ذهبت فوق العارضة.

وكاد سيكو فوفانا أن يفتتح التسجيل لكوت ديفوار في الدقيقة 13، بعدما تابع ركنية من جهة اليمين، أبعدها الدفاع النيجيري بطريقة خاطئة، لتتهيأ الكرة أمامه ويسدد من خارج المنطقة، لكنه وضع الكرة في منتصف المرمى، ليمسكها ستانلي نوابالي، حارس مرمى نيجيريا، بثبات.

وأضاع ماكس جراديل فرصة محققة لكوت ديفوار في الدقيقة 20، فمن ركلة ركنية من جهة اليمين نفذت عرضية قابلها إيفان نديكا بضربة رأس، لتصل الكرة لجراديل، الذي سدد ركلة خلفية مزدوجة، لكنه وضع الكرة في الشباك من الخارج.

انحصر اللعب في منتصف الملعب وسط عصبية واضحة من لاعبي المنتخبين وكذلك البرتغالي جوزيه بيسيرو، المدير الفني لمنتخب نيجيريا، الذي حصل على بطاقة صفراء في الدقيقة 27 بسبب اعتراضه على إحدى قرارات حكم المباراة الموريتاني دحان بيدا.

وأهدر أدينجرا فرصة مؤكدة في الدقيقة 34، حيث تلقى تمريرة سحرية من فرانك كيسي، لينفرد على إثرها بالمرمى، لكنه سدد برعونة من على يسار المنطقة، ليبعد نوابالي الكرة لركنية لم تستغل.

وسنحت أول فرصة لنيجيريا في الدقيقة 37، حيث تسلم زيدو سنوسي الكرة، لينطلق بها من الناحية اليسرى، قبل أن يسدد من على يسار منطقة الجزاء، لكنها اصطدمت في أوديلون كوسونو، لتخرج إلى ركنية، أسفرت عن هدف لمنتخب (النسور الخضراء) بواسطة وليام تروست إيكونج.

ونفذ أديمولا لوكمان الركلة الركنية من الناحية اليسرى عرضية، عجز الدفاع الإيفواري عن إبعادها بطريقة صحيحة، لتصل الكرة إلى تروست إيكونج، الذي سدد ضربة رأس، ليضعها على يمين يحيى فوفانا، حارس مرمى كوت ديفوار وتعانق الشباك.

حاول منتخب كوت ديفوار إدراك التعادل قبل نهاية الشوط الأول، وسدد سيكو فوفانا من خارج المنطقة في الدقيقة الرابعة من الوقت الضائع، لكن نوابالي كان في الموعد، لينتهي الشوط بتقدم نيجيريا 1 / صفر.

بدأ الشوط الثاني بهجوم مكثف من جانب منتخب كوت ديفوار، الذي حصل على ركلة حرة مباشرة من الناحية اليمنى في الدقيقة 47 لم تستغل، قبل أن يهدر جراديل فرصة محققة في الدقيقة 49، حينما مرر أدينجرا كرة عرضية زاحفة من الجانب الأيسر، أبعدها نوابالي بقبضة يده، لتصل الكرة له ويسدد مباشرة من داخل المنطقة، لكن الكرة اصطدمت في كالفين باسي، وتصل سهلة للحارس النيجيري.

وطالب لاعبو كوت ديفوار بالحصول على ركلة جزاء في الدقيقة 52، بعدما سقط جراديل داخل منطقة جزاء نيجيريا، لكن الحكم أشار باستمرار اللعب، فيما سدد جان ميشيل سيري من خارج المنطقة في الدقيقة 58، مرت بجوار القائم الأيمن لمرمى نيجيريا.

وأهدر كيسي فرصة سهلة للتعادل في الدقيقة 60، بعدما تابع تمريرة عرضية من جهة اليسار بواسطة أدينجرا، ليسدد ضربة رأس، لكنها ذهبت ضعيفة في أحضان نوابالي.

وأطلق كوسونو قذيفة مدوية من خارج المنطقة في الدقيقة 62، أبعدها نوابالي ببراعة لركنية، أثمرت عن هدف التعادل لكوت ديفوار بواسطة فرانك كيسي.

وتابع كيسي الركلة الركنية التي نفذت من الجهة اليسرى، ليسدد ضربة رأس رائعة، واضعا الكرة على يسار نوابالي، الذي حاول التصدي لها دون جدوى لتعانق شباكه.

تخلى منتخب نيجيريا عن حذره الدفاعي، وعاد لنشاطه الهجومي من جديد، وتابع وليام إيكونج ركلة حرة من الجهة اليسرى نفذها لوكمان في الدقيقة 68، ليسدد ضربة رأس، علت العارضة بقليل.

وأضاع هالير فرصة جديدة لكوت ديفوار في الدقيقة 75، حيث أرسل كيسي تمريرة عرضية من الناحية اليمنى قابلها أدينجرا بضربة رأس، لتصل الكرة لنجم بوروسيا دورتموند الألماني، الذي سدد ضربة خلفية مزدوجة مرت بجوار القائم الأيمن.

وترجم منتخب كوت ديفوار سيطرته على اللقاء، بعدما أضاف هالير الهدف الثاني لمنتخب (الأفيال) في الدقيقة 81، بعدما تابع تمريرة عرضية من الجانب الأيسر، ليضع الكرة بلمسة سحرية على يسار نوابالي، الذي اكتفى بالنظر لها وهي تعانق شباكه.

شدد منتخب نيجيريا من هجماته بغية إدراك التعادل سريعا، وتعددت الركلات الركنية التي حصل عليها، لكنها لم تسفر عن أي جديد، فيما سدد كليتشي إيهيانتشو من على حدود المنطقة في الدقيقة 90 لكن الكرة اصطدمت في الدفاع.

ومر الوقت المحتسب بدلا من الضائع في ظل محاولات من جانب منتخب نيجيريا لإدراك التعادل والدفع باللقاء للوقت المحتسب بدلا من الضائع، ولكن دون جدوى، لينتهي اللقاء بفوز كوت ديفوار 2 / 1، وتتويجها باللقب على حساب نيجيريا.