صوم من يُخطئ في غسل الجنابة.. هل هو صحيح؟

وصلت إلى دار الإفتاء المصرية استفسار حول حكم صوم من يُخطئ في غسل الجنابة السائل أشار إلى أنه توضأ من الجنابة بدون نية، وعلم لاحقًا بوجوب النية في غسل الجنابة، وعن ذلك سأل عن حكم صيامه في تلك الفترة.

صوم من يُخطئ في غسل الجنابة

أجابت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي، بأن صيام من يُخطئ في غسل الجنابة صحيح، شرطًا أن يكون قد أدي الصوم بمراعاة أركانه وشروطه، وتحقق من وجود النية، وأن يكون الصوم خاليًا من المفسدات، حيث يُفترض أن عدم الطهارة من الحدث الأكبر لا يؤثر على صحة الصوم.

وأشارت إلى أنه لا يختلف أحد من الفقهاء فى أن الاغتسال من الجنابة أمر واجب؛ لأنه لا يجوز للجنب أن يؤدى الصلاة أو أن يمس المصحف، أو أن يدخل المسجد إلا بعد أن يغتسل منها؛ لقول الله تعالى: ﴿وإن كنتم جنبا فاطهروا﴾ [المائدة: 6].

وقد اختلف الفقهاء فى اشتراط النية ليتحقق الاغتسال شرعا، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب اشتراط النية عند الاغتسال، وأنها فرض من فرائضه.

وذهب الحنفية إلى أن النية فى الغسل سنة وليست بفرض، كما قال العلامة ابن عابدين الحنفى فى "حاشيته على الدر المختار" "1/ 156، ط. دار الفكر".

الأصل في النية

وأوضحت، أن الأصل أن النية من فرائض الغسل ابتداء، فلا يصح من دونها، كما هو مذهب الجمهور؛ إذ الاغتسال من الجنابة عبادة، والعبادة لا تؤدى ولا يعتد بها شرعا إلا بالنية؛ وذلك لما أخرجه الإمام البخارى فى "صحيحه" عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات" أى: أن صحتها معلقة على النية.

وتابعت: إذا وقعت العبادة من المكلف على أية صورة، فالمقرر تصحيحها ما أمكن، وأن إلحاق ذلك بأي قول من أقوال المجتهدين هو المتعين انتهاء، فقد شاء الله تعالى أن يكون اختلافهم وتنوع أقوالهم رحمة بالأمة، وتخفيفا على المكلفين، ولذلك كان الاجتهاد المعتبر دائرا بين الأجر والأجرين، فعن عمرو بن العاص رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" رواه البخارى ومسلم فى "صحيحيهما"، وفى رواية الدارقطنى فى "سننه" بلفظ: "إن اجتهدت فأصبت لك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد".

حكم صوم من يُخطئ في غسل الجنابة

وهذا هو المعمول به والمعول عليه فى الفتوى، فقد نص الفقهاء والأصوليون على أن أفعال العوام بعد صدورها منهم محمولة على ما صح من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالصحة، فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم مهما أمكن ذلك، فإذا صدر من العامى فعل معين: فيكفى فى صحة فعله أن يوافق أحد آراء المذاهب وأقوال المجتهدين، ومن ثم فتصحيح الفعل واعتباره أولى من إلغائه وإهداره.