18 مايو 2025 22:56 20 ذو القعدة 1446
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الفنون

أماني أبو عيسى تكتب: ”بريستيج” دراما بلا روح وجمهور في المرتبة الخامسة

مصر 2030

منذ اللحظات الأولى لمسلسل بريستيج، يتضح للمشاهد أن شيئًا ما لا يسير على ما يرام، الحديث هنا ليس عن عمل أثار الجدل بتفوقه أو جرأته، بل عن تجربة درامية وقعت ضحية الغرور الفني، وغاب عنها الحد الأدنى من عناصر التماسك، سواء في السيناريو، أو الحوار، أو حتى الأداء التمثيلي.

أول ما يلفت الانتباه في مسلسل "بريستيج" هو غياب البناء الدرامي المحكم، الحلقات تتوالى دون تطور فعلي في الأحداث، ودون مبررات درامية مقنعة، لا ذروة تُبنى، ولا عقدة تُحل، بل مجرد مشاهد متتابعة تفتقر إلى الهدف أو التوتر الدرامي الذي يبقي المشاهد مشدودًا، هذا الغياب لأي خيط سردي واضح يجعل متابعة المسلسل تجربة مرهقة أكثر منها ممتعة.

الحلقات تمر ببطء ممل، يغيب فيه الحدث الحقيقي، وتضيع التفاصيل وسط مشاهد طويلة لا تقول شيئًا، وكأننا أمام محاولات "استعراض بصري" بلا مضمون، تسعى لإقناعنا بأنها تجربة استثنائية بينما هي في حقيقتها تائهة.

حوار ميت وتمثيل بلا نبض

أما الحوار، فكان أقرب لمحادثات جامدة تُلقى على مسامعنا بلا روح، جمل محفوظة، بلا إحساس، بلا شخصية، والكارثة أن الأداء التمثيلي لم ينجح في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بل بدا وكأن بعض الممثلين أنفسهم غير مقتنعين بما يقولونه، لا مشاعر، لا توتر، لا صدق، فقط وجوه جميلة تتكلم في فراغ.

ما أثار الجدل أيضًا هو التصريح الذي أدلى به المخرج عقب الانتقادات، والذي شكر فيه الجمهور، لكنه أشار إلى أن مشاهدتهم للعمل تأتي في المرتبة الخامسة بعد التصوير، والفركش، والتسليم، واستلام الأجر، ورغم أن هذا الترتيب قد يكون انعكاسًا لتجربته الشخصية في العمل، إلا أن جمهور الفن هو الغاية الأسمى لأي مشروع إبداعي، ومكانته لا ينبغي أن تكون محل جدل، فالتفاعل مع الناس هو المقياس الحقيقي لنجاح أي عمل، والتقدير الجماهيري ليس "صدفة لطيفة" في طريق المشروع، بل هو جوهر الفن ورسالة الإبداع وغايته الأولى.

تصريحه هذا لم يطفئ نار النقد، بل زادها اشتعالًا، لأنه ببساطة يعكس عقلية ترى في العمل الفني مشروعًا ذاتيًا يكتمل لحظة الانتهاء منه، لا لحظة تفاعله الحقيقي مع الجمهور، والمفارقة أن المخرج تحدث عن "الجموح" وكأنه فضيلة بحد ذاتها، بينما الحقيقة أن الجموح بلا وعي، ولا فهم للجمهور المتلقي، ولا التزام بأبسط قواعد الدراما، هو طريق مختصر لفشل مدوٍ.

الدرس الغائب: احترام عقل المشاهد

من الواضح أن "بريستيج" اعتمد كثيرًا على العنوان والبروباجندا الدعائية، دون أن يُعنى بالمحتوى الفني الذي يرتقي لطموحات المشاهد، والجمهور اليوم أكثر وعيًا، ولا يرضى بأن يُباع له "الفراغ" في عبوة لامعة.

والفن، كما قال المخرج نفسه، "يُصنع ليُمتع"، لكن المتعة لا تتحقق بالشعارات، بل بالجودة الحقيقية في الكتابة، والإخراج، والتمثيل، وهي جميعًا، وللأسف، غابت عن "بريستيج".

صناعة بلا روح... ومشروع بلا هوية

بريستيج ليس تجربة طموحة لم تنجح، بل تجربة متعالية لم تحاول أن تنجح أصلًا، مسلسل خالٍ من الروح، يعاني من غياب الحبكة، وضياع الهوية، وافتقاد أي رابط عاطفي أو درامي بينه وبين من يشاهده، ولم يكن أيضًا تجربة جريئة كما يحاول صناعه تصويره، بل كان مشروعًا مرتجلًا، ضاع بين العشوائية والتصنع، عمل ظن أنه يستطيع خداع الجمهور بالموسيقى التصويرية واللقطات البطيئة، متناسيًا أن عين المشاهد اليوم تسبق الكاميرا، وعقله أذكى من كل محاولات الإبهار الكاذب.

"بريستيج" أراد أن يكون تحفة، فانتهى كحالة دراسية في كيف لا يجب أن تُصنع الدراما، لكن ما يُحسب للعمل هو أنه أعاد فتح النقاش حول أهمية احترام عقل المشاهد، وضرورة أن يكون التقدير الجماهيري في صدارة أي تجربة فنية، أما التجاهل أو التبرير، فلن يزيد الأمر إلا سوءًا، ولن يمحو حقيقة أن العمل، في جوهره، لم ينجح في أن يكون "مسلسلًا له بريستيج".

في النهاية، الفن ليس استعراضًا للذات، ولا محاولة لإقناع الجمهور بإنه "مبيفهمش" بل هو حوار مستمر معهم، والنجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد أيام التصوير ولا ينتهي بـ"فركش"، بل يقاس بصدق الأثر الذي يتركه العمل في قلوب المشاهدين.

بريستيج مسلسل بريستيج الدراما المشاهد

مواقيت الصلاة

الأحد 10:56 مـ
20 ذو القعدة 1446 هـ 18 مايو 2025 م
مصر
الفجر 03:20
الشروق 05:00
الظهر 11:51
العصر 15:28
المغرب 18:43
العشاء 20:12
click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here
البنك الزراعى المصرى
banquemisr