نميرة نجم: يجب استمرار ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الدولية بجرائم التهجير القسري في غزة


قالت السفيرة د.نميرة نجم، عضو فريق الدفاع الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية وخبير القانون الدولي أن التهجير القسري ليس مجرد انتهاك عابر، بل جريمة ضد الإنسانية، ومحاولة لفرض واقع غير شرعي تحت ستار الأمن، ولا يمكن تبرير هذا المسار قانونيًا، وسنواصل التصدي له في كل المحافل القضائية الدولية.
جاء ذلك أثناء مداخلتها عبر الفيديو كونفرنس في الندوة التي نظمها مركز جامعة بدر للدراسات الدولية بالتعاون مع مجموعة العمل الوطنية لمواجهة تهجير الفلسطينيين، تحت عنوان مخططات تهجير الفلسطينيين بين الماضي والحاضر (1948 – 2025)"، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في الشأن الفلسطيني.
الأراضي الفلسطينية المحتلة
وقد استعرضت السفيرة نميرة نجم في مداخلتها تحليلًا قانونيًا وسياسيًا مفصلًا حول التهجير ودور محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى أن رأي المحكمة الصادر في عام 2004 بشأن الجدار، أكد أن بناء الجدار والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، يشكل انتهاكًا للقانون الدولي ويؤدي إلى التهجير القسري. كما أشارت إلى الرأي الاستشاري الصادر في يوليو 2024، والذي وصف التهجير القسري بأنه جريمة دولية إذا نُفذ من خلال جعل الحياة مستحيلة للفلسطينيين، مؤكدة أن السياسات الإسرائيلية (بما فيها المستوطنات، القيود، والمصادرات) تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي وجغرافي ممنهج، وتنتهك المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة.
محكمة العدل الدولية
أكدت نجم أن محكمة العدل الدولية طالبت بإنهاء الاحتلال وتعويض الضحايا، ووصفت البيئة الناتجة عن الحصار، والهدم، والاستيطان بأنها بيئة طاردة قسرًا للسكان.
فيما شددت على أن التعريف الموسع للتهجير القسري لا يقتصر على الإخلاء بالقوة، بل يشمل السياسات التي تجعل البقاء مستحيلًا، مشيرة إلى أن الممارسات الإسرائيلية تمثل انتهاكًا لاتفاقية مناهضة التمييز العنصري، وتُشير ضمنًا إلى نظام فصل عنصري.
وأضافت أن المحكمة رفضت الادعاء الإسرائيلي بإنهاء الاحتلال في غزة عام 2005، وأكدت أن القانون الدولي لا يزال ساريًا، مشددة على أن مسؤولية إسرائيل تتضمن وقف التهجير، وإزالة المستوطنات والجدار، وتعويض الضحايا. كما دعت الدول الأخرى إلى عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال ووقف الدعم العسكري والاقتصادي له.
الأمم المتحدة
وشددت نجم على أن قرارات الأمم المتحدة، كقرار 194 (1948)، و237 (1967)، و465 (1980)، وصولًا إلى A/RES/ES-10/24 لعام 2024، كلها تدين التهجير القسري وتطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين. كما استعرضت مواقف مؤسسات الأمم المتحدة، مثل مفوضية حقوق الإنسان ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي اعتبرت التهجير انتهاكًا للحق في السكن واتفاقية جنيف الرابعة.
وفي السياق ذاته، تطرقت نجم إلى المواثيق الدولية، مشيرة إلى أن قوانين لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة، وكذلك البروتوكولات الإضافية ونظام روما الأساسي، كلها تجرّم التهجير القسري وتعتبره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. وأكدت أن القانون الإنساني الدولي العرفي يحظر النقل القسري للسكان من الأراضي المحتلة إلا لأسباب أمنية قهرية، ويكفل حق النازحين في العودة.
وفي ختام كلمتها، شددت السفيرة نميرة نجم على استمرار دعم ملاحقة إسرائيل قانونيًا أمام المحاكم الدولية والتحكيم الدولي، للحصول على أحكام تُثبت حقوق الشعب الفلسطيني، وتقويض الادعاء بأن التهجير ضرورة لتأمين إسرائيل، مؤكدة أن منع إعادة إعمار شعبٍ لبلده يُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي.
كما دعت إلى فرض تعويضات قانونية على الحكومات والأفراد والجهات الخاصة المتورطة في القصف المستمر على غزة، مشيرة إلى أن الاستهداف المتكرر للمدنيين ولجهود الإغاثة لا يمكن السكوت عليه دوليًا.
وقد استعرض في بداية الندوة اللواء د. محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع للشئون الخارجية سابقا، في كلمته بالندوة، محاورها الرئيسية، مرحبًا بالحضور، ومؤكدًا أهمية التحرك العربي والإسلامي لمواجهة خطط تهجير الفلسطينيين، التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية على مراحل ، مشدداً على أهمية كشف أبعاد المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من خلال الأدوات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، وما يرافقه من ضغوط على الدول المجاورة وابتزاز المانحين. وأكد أن كل ما يحدث ليس عشوائيًا، بل هو جزء من خطة صهيونية هدفها تصفية القضية الفلسطينية بإفراغ الأرض من أصحابها، وإحلال بديل استيطاني مكانهم، مما يجعل من التهجير أداة استراتيجية تتكرر بأشكال مختلفة منذ عام 1948.
مخططات تهجير الفلسطينيين
أكدت السفيرة نميرة نجم، عضو فريق الدفاع الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، أن المحكمة قد اعتبرت أن التهجير القسري، عندما يتم عبر سياسات تجعل الحياة مستحيلة، يُعد جريمة دولية. جاء ذلك خلال مشاركتها عبر الفيديو كونفرنس في ندوة "مخططات تهجير الفلسطينيين بين الماضي والحاضر (1948–2025)"، التي نظمها مركز جامعة بدر للدراسات الدولية بالتعاون مع مجموعة العمل الوطنية لمواجهة تهجير الفلسطينيين.
واستعرضت السفيرة نميرة نجم رأيين استشاريين صادرين عن محكمة العدل الدولية، أولهما في عام 2004 بشأن الجدار، والذي أكدت فيه المحكمة أن بناء الجدار والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، يُعد انتهاكاً للقانون الدولي ويؤدي إلى التهجير القسري. أما الرأي الثاني فصدر في يوليو 2024، حيث اعتبرت المحكمة أن التهجير القسري جريمة دولية عندما يتم عبر جعل الحياة مستحيلة، مشيرة إلى أن السياسات الإسرائيلية من مصادرة الأراضي، والاستيطان، وفرض القيود، تمثل تغييراً ديموغرافياً وجغرافياً ممنهجاً، وانتهاكاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وطالبت بإنهاء الاحتلال وتعويض الضحايا. كما وصفت المحكمة البيئة الناتجة عن الحصار والهدم والاستيطان بأنها طاردة قسرياً للسكان.
واستعرضت كذلك الإطار القانوني للتهجير القسري، مؤكدة أن المفهوم لا يقتصر على الإخلاء بالقوة، بل يشمل السياسات التي تجعل البقاء مستحيلاً، كالتدمير المتعمد للبنية التحتية ومنع وصول المساعدات. ولفتت إلى أن هذه الممارسات تنتهك المادة 3 من اتفاقية مناهضة التمييز العنصري، وتؤسس لنظام فصل عنصري. وفيما يخص غزة، أوضحت أن المحكمة رفضت ادعاء انتهاء الاحتلال، وأكدت أن سيطرة إسرائيل ما زالت مستمرة وبالتالي ينطبق عليها القانون الدولي.
كما تطرقت إلى التزامات إسرائيل والدول الأخرى، موضحة أن المحكمة دعت إسرائيل إلى وقف التهجير وإزالة المستوطنات والجدار، وتعويض الضحايا، وطالبت الدول الأخرى بعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال ووقف الدعم العسكري والاقتصادي.
وأشارت إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مثل القرار 194 (1948)، 237 (1967)، 465 (1980)، وA/RES/ES-10/24 (2024)، والتي تدين جميعها التهجير القسري وتطالب بعودة الفلسطينيين ووقف النشاط الاستيطاني.
مفوضية حقوق الإنسان
كما استعرضت مواقف هيئات الأمم المتحدة، حيث اعتبرت مفوضية حقوق الإنسان أن الإخلاء القسري في غزة انتهاك لاتفاقية جنيف الرابعة، فيما أكدت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن التهجير ينتهك الحق في السكن.
وتطرقت كذلك إلى المواثيق الدولية، كقوانين لاهاي التي تحظر مصادرة الممتلكات والعقوبات الجماعية، واتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل القسري، والبروتوكولات الإضافية التي تمنع استهداف المدنيين، إضافة إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يجرّم التهجير القسري باعتباره جريمة ضد الإنسانية (المادة 7) وجريمة حرب عند نقل سكان الاحتلال إلى أراضٍ محتلة.
واختتمت بالإشارة إلى القانون الإنساني الدولي العرفي، كما صاغته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والذي يحظر النقل القسري للسكان ويؤكد حق النازحين في العودة واحترام ممتلكاتهم.
الشعب الفلسطيني
وشددت السفيرة نميرة على استمرار دعم ملاحقة إسرائيل قانونيًا أمام المحاكم الدولية والتحكيم الدولي للحصول على أحكام تؤكد حقوق الشعب الفلسطيني، وتقويض فكرة التهجير على أنه ضرورة لأمن إسرائيل، وإثبات أن منع إعادة إعمار الشعب الفلسطيني لبلده يُعد انتهاكاً للقانون الدولي، مع المطالبة بتعويضات للمتضررين من الحكومات والأفراد والقطاع الخاص جراء القصف المستمر على غزة.
من جانبه، استعرض اللواء د. محمد الكشكي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، موضوع الندوة ومحاورها، مشدداً على أهمية كشف أبعاد المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من خلال الأدوات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، وما يرافقه من ضغوط على الدول المجاورة وابتزاز المانحين. وأكد أن كل ما يحدث ليس عشوائيًا، بل هو جزء من خطة صهيونية هدفها تصفية القضية الفلسطينية بإفراغ الأرض من أصحابها، وإحلال بديل استيطاني مكانهم، مما يجعل من التهجير أداة استراتيجية تتكرر بأشكال مختلفة منذ عام 1948.
وقد شهدت الندوة مشاركة عدد من الخبراء والباحثين الذين قدموا أوراق عمل وتحليلات معمقة حول آليات التهجير القسري للفلسطينيين منذ عام 1948 حتى اليوم.
فتحدث اللواء أحمد الشهابي، فتحدث عن أنشطة مجموعة العمل الوطنية لمواجهة تهجير الفلسطينيين، والدور الذي تلعبه في دعم صمود الشعب الفلسطيني، وتوثيق الانتهاكات، والعمل على إيصالها للجهات الدولية المعنية لفضح السياسات الإسرائيلية وكشف مخالفاتها الجسيمة للقانون الدولي.
وقدم الدكتور أحمد قنديل ورقة تاريخية تناولت الأساليب التي انتهجتها إسرائيل في تهجير الفلسطينيين، فيما تناول الدكتور أدهم شبل والدكتورة ريم حسام الدين التداعيات الأمنية والاستراتيجية لعمليات التهجير الحالية، وانعكاساتها على الأمن القومي المصري. أما اللواء الدكتور أحمد فاروق، فاستعرض في ورقته ملامح مخططات التهجير الإسرائيلية، والسياسات المعتمدة لفرض تغييرات ديموغرافية، مع تقديم مقترحات عملية لمواجهتها.
وخرجت الندوة بجملة من التوصيات أبرزها ضرورة توسيع التهدئة إلى سلام دائم بمشاركة عربية وإسلامية، والضغط على إسرائيل والولايات المتحدة عبر محكمة العدل الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان، إلى جانب تنسيق مصري أوروبي للضغط على واشنطن ولندن، ورفض أي مخططات تهجير تمهّد لتصفية القضية الفلسطينية. كما دعت إلى إعداد ملف قانوني موثق بانتهاكات التهجير، وتشكيل لجنة طوارئ عربية – دولية لمراقبة النزوح القسري، وحماية الأمن القومي المصري ورفض فتح الحدود كحل سياسي، ودعم تعمير سيناء لمواجهة الفراغ السكاني واستغلال إسرائيل لذلك. وعلى المستوى الإعلامي، أوصت بتوحيد الخطاب المصري والفلسطيني، وإطلاق حملات دولية توثق معاناة المدنيين وتفضح مخططات التهجير، وإشراك الطلاب والمراكز البحثية في جهود التوعية. كما طالبت بدعم البنية التحتية في غزة وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل المياه والكهرباء والأدوية، لتثبيت السكان في أماكنهم عبر الدعم الإغاثي العاجل. واختُتمت التوصيات بالدعوة إلى صدور بيان موحد من جميع الفصائل الفلسطينية يرفض التهجير ويثبت خيار الصمود كأولوية وطنية، مع التأكيد على أن الهدف النهائي هو منع أي تغيير ديموغرافي قسري في غزة أو الضفة الغربية، والحفاظ على حق العودة والعيش الكريم للفلسطينيين.
وقد أدارت الندوة الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.