«كفر السنابسة تودع شهداء الرزق». .طريق الموت يخطف 19 من عمال اليومية.. ”شنطة ومصحف وحذاء مفرد”آخر ما تبقى

استيقظت قرية "كفر السنابسة" التابعة لمركز منوف في محافظة المنوفية، على فاجعة أليمة بعدما فقدت 19 من أبنائها، إثر حادث تصادم مروع بين ميكروباص وسيارة نقل ثقيل على الطريق الدائري الإقليمي، في نطاق مركز أشمون، أثناء توجههم لأعمالهم اليومية.
رحلة العمل تحولت إلى وداع أبدي، وأصوات الضحك تحولت إلى بكاء في جنبات المستشفيات وعلى أرصفة الانتظار.

"شنطة ومصحف وحذاء مفرد".. مستشفيات المنوفية تشهد الفاجعة

في مستشفيات أشمون، وقويسنا، والباجور، تكررت المشاهد المؤلمة:كيس بلاستيكي شفاف يحتوي على قميص ممزق ومصحف صغير وقطعة من خبز، وشنطة يد بها شطيرة ملفوفة ومصحف بحجم كفّ اليد، وطرحة فقدت صاحبتها، حذاء مفرد فقد شريكه إلى الأبد؛ هذه المتعلقات كانت آخر ما تبقى من الضحايا، وتم تسليمها لذويهم وسط دموع صامتة ومحاضر رسمية بحضور الأمن.

"قالتلي نتغدى سوا لما أرجع".. ولم ترجع

في قويسنا، وقف أحد الأشقاء بجوار طاولة المتعلقات، فتح الشنطة الجلدية فوجد الشطيرة التي أعدّتها الضحية قبل أن تخرج للعمل.
"كانت خارجة على أمل تفطر أول ما توصل الشغل.. ودعتني وقالتلي نتغدى سوا، ومرجعتش".

الطريق القاتل.. من يتحمل المسؤولية؟

وشهد الطريق الدائري الإقليمي عشرات الحوادث المشابهة، وسط مطالبات شعبية بوجود رقابة مرورية صارمة، وفصل مسارات النقل الثقيل عن سيارات الركاب، ووضع حلول جذرية لهذا الشبح الذي يخطف الأرواح يوميًا.

استجابة حكومية سريعة.. تعويضات ودعم إنساني

وجه وزير العمل محمد جبران بسرعة صرف التعويضات لأسر الشهداء والمصابين:200 ألف جنيه لكل أسرة متوفي، و20 ألف جنيه لكل مصاب من صندوق رعاية العمالة غير المنتظمة.

وزارة التضامن الاجتماعي
في بيان رسمي، وجهت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، قطاع الحماية الاجتماعية والهلال الأحمر المصري، بتنفيذ الدراسات الاجتماعية لأسر الضحايا، وتقديم الدعم النفسي والمساعدات العاجلة، مع سرعة صرف التعويضات اللازمة.

وأكدت الوزيرة أن "الوزارة لن تتخلى عن دورها الإنساني وستوفر كل أوجه الرعاية الاجتماعية لأسر الضحايا".

كفر السنابسة.. جنازات متتالية وقلوب مفجوعة

شهدت القرية جنازات جماعية في مشهد مهيب، حيث ودع الأهالي 19 شهيدًا للرزق، في لحظات من البكاء والذهول.
أبناء خرجوا ولم يعودوا، وزوجات فقدن الأمل، وأطفال ينتظرون آباءهم عند الأبواب التي لن تُفتح من جديد.

أسماء ضحايا الحادث الطريق الإقليمي

وضمت قائمة الضحايا بمستشفى الباجور التخصصي: شروق خالد أبو المجد (20 سنة)، هدير عبد الباسط خليل (21 سنة)، شيماء محمود محمد عبد الهادي (21 سنة)، تقى محمد أحمد الجوهري (20 سنة)، جنى محي فوزي (19 سنة)

بمستشفى قويسنا المركزي: هنا مشرف محمد (14 سنة)، مروة أشرف إنسان (19 سنة)، أدهم محمد أنس (22 سنة)، آية زغلول مصطفى (21 سنة)، ميادة يحيى فتحي عطية (17 سنة)، شيماء يحيى فوزي خليل (16 سنة)

بمستشفى أشمون العام: رويدا خالد إبراهيم حسن، ملك عربي فوزي (18 سنة)، سمر خالد مصطفى (18 سنة)، إسراء صباح عبد الوهاب عبد الخالق (17 سنة)، سارة محمد كوهية (14 سنة)، شيماء يحيى فوزي خليل (17 سنة)

بمستشفى سرس الليان: أسماء خالد مصطفى قنديل (17 سنة)، شيماء رمضان عبد الحميد (23 سنة)

أما أسماء المصابين بمستشفى أشمون العام: إسراء محمد الشعلي (35 سنة) – كسر مضاعف بالساقين، آيات زغلول مصطفى قنديل (17 سنة) – كسر مضاعف بالقدم، حبيبة محمد الجيوشي أبو شنب (17 سنة) – جرح بالرقبة وتدهور بالوعي

النيابة تباشر التحقيقات

تباشر النيابة العامة التحقيق في الحادث، بينما بدأت المستشفيات إجراءات تسليم الجثامين، وسط حالة من الحزن العميق داخل قرية كفر السنابسة التي فقدت عددًا كبيرًا من أبنائها في لحظة واحدة.

في الختام

وترحل الأجساد، لكن تبقى الحكاية، وتبقى المتعلقات البسيطة شاهدة على أرواح خرجت لتحيا… فعادت ملفوفة في الكفن.