14 يوليو 2025 23:29 18 محرّم 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الأخبار دين وفتاوى

ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: يستعرض مظاهر الإعجاز في حديث القرآن الكريم عن الرياح

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

عقد الجامع الأزهر أمس الأحد، ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي تحت عنوان "مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الرياح"، وذلك بحضور كل من: أ.د مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم، وأدار الحوار الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر.

أوضح فضيلة الدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم، أن الرياح في القرآن الكريم تحمل معنى الحياة، لما فيها من دلالة واضحة على وجود الحياة واستمرارها، فبها ينزل الماء من السماء الذي يحيي الأرض بعد موتها، كما أن الله سبحانه وتعالى جعل الرياح سببًا رئيسيًا في حركة الحياة وتفاعلاتها المختلفة، ويظهر هذا المعنى جليًا في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، فالآية الكريمة تجمع بين آيات الله الكونية العظيمة، مبرزةً دور الرياح كسبب رئيسي فيها، فحركة الفلك التي تجري في البحر تتم بفعل الرياح، ما يسهل سبل العيش والتنقل، كما أن الماء الذي ينزل من السماء، والذي يحيي الأرض بعد موتها، هو عائد أيضًا إلى دور الرياح في تكوين السحب ونقلها، كما توضح الآية أن تصريف الرياح بقدرة الله سبحانه وتعالى وحده؛ لتسيير أمور الكون كما يشاء.

أكد فضيلة الدكتور مصطفى إبراهيم أن القرآن الكريم يربط بوضوح بين الرياح والحياة، كما في قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، تبدأ الآية بوصف الرياح بأنها "بشرًا بين يدي رحمته"، وهذا تصوير بليغ لدورها في الحياة، حيث تعمل الرياح على دفع السحاب الثقيل المحمل ببخار الماء، التي تكونت فوق المحيطات أو المسطحات المائية الكبيرة، ثم تساق بفعل الرياح لمسافات طويلة، لتصل إلى "بلد ميت"، أي أرض قاحلة يابسة خالية من الحياة والنبات، وبمجرد وصول هذه السحب، ينزل منها الماء، فتعود الحياة وتنبت الثمرات المتنوعة هذا المشهد البديع لتحول الأرض الميتة إلى أرض خضراء حية بفضل الماء المنزل بوساطة الرياح.

وأشار الدكتور مصطفى إبراهيم إلى وظيفة أخرى للرياح، وهي ما أكده قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾. فالرياح هنا تقوم بدور التلقيح، حيث تنقل حبوب اللقاح بين النباتات في أماكن مختلفة، ما يضمن استمرارية أنواعها، ولا يقتصر دورها على تلقيح النباتات، بل تتعداه إلى تلقيح السحاب، وهو ما يسهم في تكون الأمطار وحدوث ظاهرة البرق نتيجة لتلك العمليات، ومن وظائف الرياح أيضًا، نقل النباتات التالفة أو "الهشيم" من مكان إلى آخر، كما يصور ذلك قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾، هذا الدور يؤكد أن الرياح ليست مجرد عنصر في الطبيعة، بل هي قوة مسخرة بأمر الله، لها وظائف متعددة في دورة الحياة على الأرض.

من جانبه، أوضح الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، أن القرآن الكريم يتناول ذكر الرياح بألفاظ بالغة الدقة والتعبير، كل منها يحمل دلالة ومعنى مختلفًا يعكس عظمة البيان الإلهي، فالله سبحانه وتعالى يقسم بها في قوله: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾، إشارة إلى قدرتها الفاعلة في الكون، كما تظهر الرياح نعمة من الله وتيسيرًا لحياة البشر، كما في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا﴾، حيث تُذكَر الريح الطيبة كرمز للخير والرخاء، وفي المقابل، يستخدم القرآن الكريم الريح للدلالة على الهلاك والعذاب، مثلما يصف الله تعالى مصير الظالمين: ﴿مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، حيث تُصوَّر الريح هنا كقوة مدمرة تحمل البلاء، كذلك، يشير السياق القرآني إلى الريح العاصف في مواضع أخرى، مُبرزًا قوتها الجبارة التي قد تكون سببًا في الدمار، هذا التنوع في ذكر الرياح وأوصافها يُظهِر إعجاز القرآن في استخدام الألفاظ المناسبة لكل سياق، ما يؤكد دقة وعمق المعاني القرآنية.

وأضاف مدير إدارة الأروقة بالجامع الأزهر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، من عظيم شفقته على أمته وحبه لهم، كان يظهر عليه علامات الخوف والكراهية إذا رأى في الأفق رياحًا شديدة أو غيومًا متراكمة، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ريحًا أو غيمًا يظهر على وجهه الخوف والكراهية، وذلك خشية أن يكون عذابًا لقومه، يعكس هذا الموقف النبوي الشريف عمق رحمته وصدق نبوته، فهو لم يكن يخشى على نفسه، بل كان يحمل هم أمته على عاتقه، يتضرع إلى الله تعالى أن يصرف عن أمته كل بلاء ، وأن يجعل هذه الظواهر الكونية رحمة وخيرًا وبركة.

يذكر أن ملتقى "التفسير ووجوه الإعجاز القرآني "يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين

الجامع الأزهر القرآن الكريم الرياح

مواقيت الصلاة

الإثنين 11:29 مـ
18 محرّم 1447 هـ 14 يوليو 2025 م
مصر
الفجر 03:20
الشروق 05:03
الظهر 12:01
العصر 15:37
المغرب 18:58
العشاء 20:29
click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more read more
البنك الزراعى المصرى
banquemisr