شراكة إستراتيجية مصرية سعودية لتعزيز السياحة والاستثمار العقاري في إطار رؤية 2030
في ظل العلاقات التاريخية المتينة التي تجمع بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، يشهد التعاون الثنائي بين البلدين تطورًا لافتًا في مجالات متعددة، أبرزها القطاعان السياحي والعقاري، اللذان يمثلان ركيزتين أساسيتين في جهود التنمية المستدامة والتحول الاقتصادي لكلا البلدين. وقد تعزز هذا التعاون من خلال مجموعة من المبادرات الاستثمارية والمشاريع المشتركة التي تعكس رؤية استراتيجية موحدة نحو تعظيم الاستفادة من الإمكانات الطبيعية والمقومات الجغرافية والثقافية، فضلاً عن تبادل الخبرات في إدارة المشروعات الكبرى وتطوير البنية التحتية.
وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية السعودية 2030 وخطة مصر للتنمية المستدامة 2030، ما يشير إلى تكامل الرؤى والتوجهات بين البلدين لتعزيز دور السياحة والعقار كمحركين رئيسيين للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. ويستعرض هذا التقرير أبرز ملامح هذا التعاون، والمشروعات القائمة والمستقبلية، وانعكاساتها على الاقتصاد الإقليمي والعربي بشكل عام.
وعبر السطور التالية نستعرض أهم وأبرز الجهود التي قامت بها الدولة المصرية لتحقيق طفرة داخل القطاع السياحي والعقاري بالتعاون مع المملكة العربية السعودية.
جهود مصرية سعودية لتحقيق طفرة في القطاعين السياحي والعقاري
عقد المهندس أحمد يوسف، مساعد وزير السياحة والآثار لشؤون الإدارات الاستراتيجية والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، مع السيد فهد حميد الدين، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة السعودية، في مايو الماضي لقاءً، حيث تم بحث سبل التعاون المشترك في مجال السياحة وتنفيذ باقات سياحية مشتركة تهدف للترويج السياحي للبلدين في الأسواق البعيدة في آسيا، كما تم مناقشة إمكانية توقيع مذكرة تفاهم مشتركة لتعزيز التعاون ووضع الإطار المناسب لتفعيل سبل وأهداف هذا التعاون.
اجتماعات مهنية لتعزيز الحركة السياحية الوافدة
في ذات السياق، عقد المهندس أحمد يوسف عدة اجتماعات مهنية مع مديري ومسئولي عدد من شركات الطيران العربية،، وعدد من منصات البحث والحجز الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في دفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة إلى المقصد السياحي المصري والترويج له، في ضوء الاستراتيجية الحالية للوزارة، حيث شارك في هذه الاجتماعات كل من السيد أحمد نبيل معاون الوزير للمتابعة والطيران، والسيدة سوزان مصطفى مدير عام الإدارة العامة للترويج السياحي بالهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، والسيدة رندا جلال مسئولة السوق العربي بالهيئة، والسيد محمد مدحت عضو المكتب الفني للرئيس التنفيذي للهيئة.
نمو ملحوظ في رحلات طيران فلاي ناس بين مصر والسعودية
خلال الاجتماع مع شركة طيران فلاي ناس، أكد السيد عبد الله العايدي، نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات بالشركة، أهمية المقصد السياحي المصري بالنسبة لهم، مستعرضًا حجم أعمال الشركة في مصر، حيث حققت منذ بداية العام الجاري وحتى الآن نسبة نمو بلغت 76% عن ذات الفترة من العام الماضي، مع تزايد ملحوظ في أعداد رحلات الطيران التي تسيّرها المجموعة بين مصر والسعودية، والتي وصلت إلى 120 رحلة أسبوعيًا، مضيفاً أن الشركة ستزيد عدد رحلاتها إلى مدينة العلمين الجديدة لتصل إلى 11 رحلة أسبوعيًا، بدلاً من 3 رحلات العام الماضي، مع استمرار رحلاتها إلى العلمين حتى شهر أكتوبر القادم.
إشادة بالتجربة السياحية المصرية وفرص الترويج المشترك
أشاد عبد الله العايدي بالتجربة السياحية المميزة التي يقدمها المقصد المصري، والتي تشمل زيارة المتحف المصري الكبير الذي يشهد حاليًا تشغيلًا تجريبيًا ومن المقرر افتتاحه رسميًا في 3 يوليو المقبل، بالإضافة إلى المتحف القومي للحضارة المصرية، وتطوير ورفع كفاءة الخدمات السياحية بالمواقع الأثرية، كما ناقش الاجتماع آليات التعاون لتنفيذ حملات ترويجية مشتركة للمقصد السياحي المصري، لا سيما مدينة العلمين الجديدة كمقصد سياحي واعد، والمشاركة في تنظيم عدد من الأنشطة الترويجية المشتركة، وورش العمل المهنية، وتنفيذ رحلات تعريفية، واستضافة المشاهير والمؤثرين وصناع المحتوى الرقمي والصحفيين والإعلاميين.
تعاون رقمي موسع مع منصات البحث والحجز الإلكتروني
خلال الاجتماع مع منصات البحث والحجز الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي، تم رسم خارطة طريق للتعاون المستقبلي المشترك لتكثيف الترويج للمقصد السياحي المصري على المنصات الرقمية المختلفة، وتعزيز الشراكات الدولية لزيادة تدفق الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، في ضوء استراتيجية الوزارة التسويقية التي تعتمد بشكل أكبر على التسويق الإلكتروني للمنتجات السياحية المتنوعة والفريدة في مصر.
استثمار عقاري سعودي مصري ضخم بقيمة 70 مليار جنيه
في خطوة استراتيجية تعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين مصر والسعودية، أعلنت عن استثمار عقاري مشترك بقيمة 70 مليار جنيه، يجسد العلاقات القوية التي تجمع البلدين، حيث يوكد المهندس أيمن القوصي، الخبير في قطاع الاستثمار والتنمية العمرانية، حرصه على التعاون مع كبار المستثمرين والمطورين ذوي السجلات القوية في مشاريع التطوير العقاري محليًا وإقليميًا. وأشار إلى أن المدن الجديدة في مصر، مثل القاهرة الجديدة، تمثل الخيار الاستثماري الأمثل، بعد نجاحها في جذب عشرات المستثمرين خلال السنوات الماضية، بفضل ما تقدمه من نمط حياة فريد قائم على معايير الاستدامة، الرفاهية، والإدارة الذكية للمرافق والخدمات.
وأشار القوصي إلى أنه يُحرص دائمًا على تنفيذ مشروعات تساهم في زيادة الاستثمارات ودعم الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى مشروع تطوير مشروعات فندقية وترفيهية فاخرة على ضفاف النيل باستثمارات تصل إلى 2 مليار دولار، وفقًا لمذكرة التفاهم التي أُعلن عنها مطلع العام الجاري، مضيفاً أن الإعلان عن المشروع جاء بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كرسالة واضحة تعكس الاهتمام الرسمي الكبير، والتنسيق الحكومي العالي المستوى لإنجاز جميع مراحل المشروع بكفاءة.
تأسيس كيان مشترك وتطوير نموذج حضري مستدام
وايماناً بأهمية إنشاء كيان مشترك وتطوير نموذج حضري مستدام يقول المهندس باسل الصيرفي، الخبير في قطاع الاستثمار السياحي والعقاري: "نحن فخورون بالتعاون مع القطاع الخاص المصري، ولدينا رؤية واستراتيجية مشتركة، وعلاقة اتحدت فيها الأهداف والثقة في السوق السياحي والعقاري والاستثماري المصري"، مضيفاً أن هناك جهودًا جارية لتأسيس كيان مشترك بين مصر والسعودية لتطوير مجموعة من المشروعات، بالإضافة إلى دعم الشراكات المصرية السعودية المؤثرة، ونقل الخبرات، وتقديم نموذج حضري مرن يلبي تطلعات الأجيال القادمة، ويتماشى مع أهداف التنمية المستدامة في كلا البلدين.
