تحذيرات عاجلة من فيروس غامض جديد في الصين.. ينتقل عبر البعوض ويسجل أكثر من 7,000 إصابة حتى الآن

وسط حالة من القلق الصحي المتصاعد، أعلنت الصين رسميًا عن ظهور فيروس جديد يُعتقد أنه ينتقل عن طريق البعوض، تسبب حتى الآن في إصابة أكثر من 7,000 شخص في مناطق متعددة، ما دفع السلطات إلى رفع حالة الطوارئ الصحية في عدد من المقاطعات، في وقت تتجه فيه الأنظار نحو هذا التهديد المحتمل في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحشرات الناقلة للأمراض.

ووفقًا لبيان المركز الصيني لمكافحة الأمراض، فإن الفيروس ينتمي إلى مجموعة الفيروسات المنقولة عبر المفصليات، ويُعتقد أنه تطور جينيًا نتيجة تداخل سلالات مختلفة من فيروسات الحمى النزفية المعروفة في المناطق الاستوائية.

الأعراض الأولية للفيروس

رصدت الفرق الطبية في الصين مجموعة من الأعراض المشتركة بين المصابين، وهي:

حمى مرتفعة (تتجاوز أحيانًا 39 درجة مئوية)

صداع شديد

آلام في العضلات والمفاصل

تعب عام

في بعض الحالات: طفح جلدي ونزيف خفيف

وفي حالات محدودة: أعراض عصبية مثل الارتباك وفقدان التوازن

كما حذرت الجهات الصحية من احتمالية تطوّر الأعراض لدى بعض الفئات الضعيفة (كبار السن، الأطفال، والحوامل) مما يستدعي رقابة صحية صارمة.

تفشي الفيروس: خريطة الإصابات حتى الآن

أكبر عدد من الإصابات تم تسجيله في مقاطعة غوانغدونغ الساحلية، حيث بلغ عدد الحالات المؤكدة هناك أكثر من 2,300، تلتها مقاطعة فوجيان بـ 1,800 إصابة، ثم يوننان وهاينان. وتم رصد أكثر من 700 إصابة جديدة خلال الأسبوع الأخير فقط، وهو ما يثير المخاوف من أن يكون الفيروس في مرحلة انتشار نشط.

وأكدت وزارة الصحة أن حالات الوفاة ما تزال محدودة جدًا، ولا يوجد حتى الآن دليل على قدرة الفيروس على التسبب في وفيات جماعية، لكنها شددت على أهمية التعامل معه بجدية، نظراً لسرعة انتقاله عبر البعوض.

حملات وقائية عاجلة في المدن والقرى

بدأت السلطات الصينية بإطلاق حملات تطهير شاملة باستخدام المبيدات الحشرية في المناطق المصابة، مع تكليف البلديات بإزالة تجمعات المياه الراكدة التي تعتبر بؤرًا رئيسية لتكاثر البعوض.

كما أطلقت وزارة الصحة حملة توعية ضخمة شملت توزيع كتيبات توجيهية، وتنبيه المواطنين لتجنب الخروج في أوقات ذروة نشاط البعوض، وارتداء الملابس الواقية، واستخدام الناموسيات والمبيدات المنزلية.

رؤية الخبراء: فيروس جديد أم تطور لسلالة قديمة؟

قال البروفيسور "تشينغ هاو"، خبير الفيروسات في جامعة بكين، إن التحليل الجيني الأولي يشير إلى أن الفيروس الجديد قد يكون تحورًا معقدًا لفيروس حمى الضنك أو فيروس غرب النيل، لكنه يحمل طفرات جينية غير مألوفة، ما يستدعي دراسة معمقة.

وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست":

ما نشهده ليس مجرد عودة لفيروس قديم، بل سلالة جديدة ذات خصائص مختلفة، ويبدو أن لها القدرة على الانتشار بسرعة في البيئة الصينية.

مخاوف من الانتقال خارج الحدود

وبينما تحاول الصين احتواء الموقف داخليًا، بدأت عدة دول آسيوية في تشديد إجراءات الرقابة الصحية على المسافرين القادمين من الصين، خصوصًا الدول المجاورة مثل:

فيتنام

تايلاند

ماليزيا

الفلبين

هونغ كونغ

وقد أصدرت وزارة الصحة في سنغافورة بيانًا أكدت فيه أنها ترصد تطورات الفيروس عن كثب، وأنها مستعدة لتفعيل خطة الطوارئ إذا ظهرت أي حالات على أراضيها.

استجابة منظمة الصحة العالمية

أكدت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنها على اتصال دائم مع السلطات الصحية الصينية، وتتابع عن كثب تطورات انتشار الفيروس. وفي بيان مقتضب صدر مساء الثلاثاء، قالت المنظمة:

من المبكر جدًا تصنيف الفيروس كتهديد عالمي، لكننا نراقب سلوكه وانتشاره، وندرس إمكانية إرسال بعثة علمية إلى الصين لدعم الجهود البحثية والوقائية.

ورغم أن المنظمة لم تصدر توصية بفرض قيود سفر حتى الآن، إلا أنها نصحت المسافرين باتباع الاحتياطات اللازمة لتجنب لدغات البعوض.

القلق الشعبي وازدحام المستشفيات

على الأرض، بدأت المستشفيات في المقاطعات الجنوبية تشهد ازدحامًا ملحوظًا في أقسام الطوارئ، خصوصًا مع موجة القلق الشعبي المتزايد، والتي غذتها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت شائعات تربط الفيروس الجديد بأمراض قاتلة أو سيناريوهات وبائية مشابهة لـ"كوفيد-19".

واضطرت السلطات إلى نفي عدد من هذه الأخبار، مؤكدة أن الفيروس لا ينتقل من شخص لآخر، وأن نسبة الشفاء عالية جدًا، في حال تم التشخيص المبكر وتقديم الرعاية المناسبة.

سوق الأدوية والأرباح المحتملة

تزامنًا مع انتشار الفيروس، بدأت شركات الأدوية الصينية الكبرى في إعادة تقييم خطوط إنتاجها، خاصة في ما يتعلق بالأدوية المضادة للفيروسات، والمبيدات، ووسائل الوقاية مثل البخاخات والناموسيات.

وقد ارتفعت أسهم بعض الشركات المنتجة للمبيدات الحشرية والفيتامينات المناعية في بورصة شنغهاي بنسبة تجاوزت 10% خلال يومين فقط، وسط توقعات بزيادة الطلب في الأسواق المحلية والدولية.

ماذا بعد؟

مع استمرار تزايد الإصابات، تتجه الأنظار نحو الخطوات التالية التي ستتخذها بكين، وهل سيتم فرض قيود على السفر أو تنظيم الحياة العامة في المناطق المتضررة، أم سيتم الاكتفاء بالإجراءات الوقائية الحالية؟

وفي الوقت الذي ينتظر فيه العالم معرفة مزيد من التفاصيل حول هذا الفيروس الغامض، تظل الرسالة الأهم هي ضرورة الاستعداد والوعي والوقاية، لتجنب أي سيناريو مفاجئ قد يعيد ذكريات جائحة لم يتعافَ منها العالم بالكامل بعد.