المروءة في الأحاديث النبوية.. اعرف قيمتها ومكانتها في الإسلام


قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن المروءة بلفظها ومعناها وردت في أحاديث النبي المصطفى كثيرًا، فعن عمر بن الخطاب أن النبي قال: «حسب المرء دينه، وكرمه تقواه، ومروءته عقله» (سنن الدارقطني ومصنف ابن أبي شيبة). وكذلك بيَّن النبي أهم آثار المروءة عند المسلم، فعندما تذاكروا المروءة عند رسول الله قال: «أما مروءتنا فأن نغفر لمن ظلمنا، ونعطي من حرمنا، ونصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا».
وتابع علي جمعة، في منشور على فيس بوك، متحدثا عن المروءة: أخبر النبي فيما يرويه علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الاتصاف بالمروءة من أسباب عصمة المسلم في عرضه، فقال: «من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته» (مسند الشهاب).
وكذلك اهتم أصحاب رسول الله والسلف من بعدهم ببيان المروءة والحث عليها، فقد سُئل عبد الله بن عمر عن المروءة فقال: «العفاف وإصلاح المال».
وسأل معاويةُ الحسنَ بن علي عن المروءة والكرم والنجدة فقال: «أما المروءة فحظ الرجل نفسه، وإحرازه دينه، وحسن قيامه بصنعته، وترك المنازعة، وإفشاء السلام. وأما الكرم فالتبرع بالمعروف، وإعطاؤك قبل السؤال، وإطعام في المحل. وأما النجدة فالذب عن الجار، والصبر في المواطن، والإقدام على الكريهة».
وتختلف المروءة باختلاف الأشخاص والأزمان والأماكن، فقد يُستقبح فعل شيءٍ ما من شخص دون آخر، وفي قطر دون آخر، وفي حال دون حال.
وقال علي جمعة، إن أجل مظاهر المروءة النجدة وإغاثة الملهوف. وقد اتفق المسلمون على أن المسلم يُغيث من استغاثه، وإذا استغاث غير المسلم فإنه يُغاث لأنه آدمي، ولأنه يجب الدفع عن الغير إذا كان آدميا، ولحديث رسول الله ﷺ: «إن الله يحب إغاثة الملهوف»، ولقوله: «لا تُنزع الرحمة إلا من شقي».
وقد أذهلت أخلاق المسلمين كل العالم، حيث إنهم التزموا المروءة والنجدة حتى وإن كان غير المسلم محاربًا لهم. فقد اتفقوا على أن غير المسلم إن كان حربيًّا واستغاث فإنه يُجاب إلى طلبه؛ لعله يسمع كلام الله، أو يرجع عما في نفسه من شر، ويأسره المعروف، لقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]، أي فأجره وأمِّنه على نفسه وأمواله، فإن اهتدى وآمن عن علم واقتناع فذاك، وإلا فالواجب أن تبلغه المكان الذي يأمن فيه على نفسه، ويكون حرًّا في عقيدته.
وأكد أن هذا ما دعا إليه الإسلام من صفات حميدة تحفظ نفس الإنسان وعقله وكرامته. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُكمِّلنا بمكارم الأخلاق، ويُعلي لنا في مروءتنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.