ما حكم نشر ومشاركة البلوجر للمقاطع غير الأخلاقية؟.. الإفتاء تجيب


ورد الى دار الإفتاء المصرية سؤال يقول صاحبه: ما حكم نشر ومشاركة البلوجر للمقاطع غير الأخلاقية، بهدف زيادة عدد ونسبة المشاهدات وتحقيق أرباح مالية؟
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن ما يقوم به صانعو المحتوى ممن يُعرفون بـ"البلوجر" من نشر المقاطع غير الأخلاقية على منصات الإعلام الرقمي لزيادة التفاعل حول ما يقومون به هو عَمَلٌ محرَّم شرعًا ومُجَرَّم أيضًا قانونًا، ففيه إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة أناط بها الشرع الشريف عقوبة عظيمة، إضافة لما يحويه هذا النشر بهذه الكيفية من التعارض الكلي مع حَثِّ الشرع الشريف على الستر والاستتار.
وطالبت الإفتاء المصرية بأولياء الأمور ضرورة وقاية أبنائهم من الانسياق وراء هذا المحتوى الهزلي الذي يُقدَّم تحت ستار الترفيه، مع أهمية توجيههم نحو ترفيهٍ بديلٍ هادفٍ ومناسبٍ.
وبينت أن نشر المقاطع غير الأخلاقية فيه إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة حَذَّر منها الحق سبحانه وتعالى؛ في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: 19]. والآية عامة في الذين يَلتمسون العورات، ويهتكون الستور، ويُشيعون الفواحش.
ولفتت إلى أن الإسلام جَعَل إشاعة الفاحشة وفعلها في الوِزْر سواء؛ لعظم الضرر المترتب في الحالتين؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "الأدب المفرد"، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "الْقَائِلُ الْفَاحِشَةَ والذي يشيع بها في الإثم سواء"، وقال عطاء رضي الله عنه: "من أشاع الفاحشة فعليه النكال، وإن كان صادقًا" أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره".
عقوبة إشاعة الفاحشة
ورَتَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جريمة إشاعة الفاحشة عقوبة عظيمة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَشَاعَ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِكَلِمَةٍ هُوَ مِنْهَا بَرِيءٌ يَشِينُهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُذيبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ حَتَّى يَأْتِيَ بِنَفَاذِ مَا قَالَ» رواه الإمام الطبراني في "الكبير" كما ذكر الإمام الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 201، ط. مكتبة القدسي، القاهرة)، ورواه الإمام ابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة والنميمة".
وبَيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سوء عاقبة الذين يشنعون على إخوانهم ويُسَمِّعون بهم؛ فقال في الحديث الذي رواه مسلم: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ».
وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ» أخرجه الإمام أحمد. فمَنْ سَمَّع بعيوب الناس وأذاعها؛ أظهر الله عيوبه وأسمعه المكروه كما أَنَّ نشر مثل هذه الفضائح الأخلاقية مِن قِبَل "البلوجر" يتنافى كليًّا مع حَثِّ الشرع الشريف على السَّتْر والاستتار؛ لأنَّ أمور العباد الخاصة بهم مبنية على الستر؛ فلا يصح من أحد أن يكشف ستر الله عليه ولا على غيره؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» أخرجه الإمام مسلم.
وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ».
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. مؤسسة قرطبة): «وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة وواجب ذلك عليه أيضا في غيره».