أمين الفتوى: لا حرمة في صناعة التماثيل أو عرضها إذا انتفت نية مضاهات خلق الله أو التقديس


أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الحكم الشرعي لصناعة التماثيل أو عرضها في المتاحف والميادين العامة يتوقف على نية الصانع والغرض من العمل ذاته، مشيرًا إلى وجود ضابطين أساسيين في هذا الباب.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الضابط الأول هو نية الصانع، فإذا قصد بها مضاهات خلق الله أو التفاخر بالقدرة على تقليد هيئة الإنسان ومحاكاة خلق الله – كما يفعل بعض النحاتين بنية التحدي – فإن هذا الفعل يعد محرمًا شرعًا، لما فيه من تعدٍّ على اختصاص الخالق سبحانه.
وتابع أن الضابط الثاني، فيتعلق بالغرض من صناعة التمثال، فإن كان القصد منه أن يُعبد أو يُقدَّس، أو أن يُعامل كرمز تعبّدي، فإن ذلك يدخل في دائرة الحرام أيضًا، مؤكدًا أن النية في كلا الحالين هي المعيار الأساسي للحكم.
وفي سياق متصل، بيّن أنه إذا انتفت نية مضاهات خلق الله أو التقديس، وكان الهدف هو إبراز مهارة فنية أو تخليد شخصية عامة، أو الحفاظ على تراث ثقافي وحضاري، فلا مانع شرعي من صناعة التماثيل أو عرضها، سواء في المتاحف أو في الفضاء العام.
وأشار إلى أن هذا الموقف ليس مستحدثًا، بل له جذور في التاريخ الإسلامي، حيث لم يُنقل أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حين دخلوا مصر في عهد الفتح، قد هدموا المعابد الفرعونية أو مسّوا التماثيل الموجودة فيها بسوء، رغم قرب عهدهم بالرسول ومعرفتهم بخطورة عبادة الأصنام، ما يؤكد وعيهم بأن تلك التماثيل لا تُعبد، وأنها تمثل جزءًا من حضارة إنسانية يجب الحفاظ عليها.
واستشهد بما كشفت عنه الحملة الفرنسية لاحقًا، حين تم فك رموز حجر رشيد، واكتُشف أن النقوش والتماثيل والجداريات في المعابد المصرية القديمة تمثل توثيقًا للحياة اليومية، والحكم، والزراعة، والصناعات، والمعتقدات، بل والحروب، وهي بذلك سجل تاريخي بالغ الأهمية، لا شبهة فيه طالما خلت النية من المحظورات الشرعية.
وأكد على أن الإسلام لا يقف ضد الفن أو التوثيق الحضاري، وإنما يُحرِّم ما يتعارض مع العقيدة من نيات أو ممارسات، داعيًا إلى التفرقة بين التعبير الفني وبين المحظورات الشرعية، والوعي بالقيم الحضارية التي تشكل ذاكرة الأمة.
https://www.youtube.com/watch?v=JnaKm4sm9dY