أنغام في رويال ألبرت هول.. صوت مصر يُضيء أعرق مسارح لندن


في قلب لندن، حيث يختلط عبق التاريخ بضوء الحاضر، ظهرت أنغام كالحورية في ليلة تاريخية انتظرها جمهورها طويلًا، لتعتلي مسرح رويال ألبرت هول العريق، وتحول مدينة الضباب إلى مدينة من الشغف والحياة، هناك، لم تكن مجرد مغنية، بل كانت أسطورة تعيد صياغة الحلم المصري على خشبة مسرح عالمي وقف عليه العمالقة.
المسرح كان كامل العدد، لكن الأهم أن الحضور كان كامل الحب، آلاف جاءوا من قارات مختلفة ليشهدوا لحظة تاريخية: أنغام، صوت مصر، وهي تعبر حدود الوطن إلى العالمية، لتكتب فصلًا جديدًا في مسيرتها، عانقت أصواتهم صوتها، هتفوا لها، غنوا معها، واحتفوا بعودتها احتفاء لا يليق إلا بملكة، بامرأة حملت أوجاعها وصنعت منها موسيقى تشفي القلوب قبل أن تُطربها.
في تلك الليلة الاستثنائية، بدا الزمن كأنه توقّف احترامًا لصوت مصر، الأوركسترا عزفت ببهاء، المايسترو هاني فرحات قادها كأنما يرسم لوحة، وأنغام بصوتها الذهبي خاطبت أرواح الحاضرين لا آذانهم، كل شيء كان مختلفًا، كل لحظة كانت خالدة.
العودة إلى التاريخ
هذا الحفل لم يكن مجرد ليلة موسيقية، بل شهد تكريم تاريخي لأنغام ومسيرتها الممتدة، إذ يقف التاريخ شاهدًا: آخر مصري غنى على هذا المسرح كان العندليب عبد الحليم حافظ عام 1968، وها هي أنغام بعد أكثر من نصف قرن، تعيد لمصر حضورها الفني على واحدة من أعظم خشبات العالم، والتاريخ سيذكر أن صوت مصر عاد ليملأ القاعة، وأن أنغام وقفت حيث يقف الكبار، مستحقة مكانتها، حاملة إرثًا موسيقيًا راقيًا، ومطورة فيه برؤية عصرية، جعلتها متفردة عن سواها.
أنغام.. قوة مصر الناعمة
عادت أنغام أقوى من أي وقت مضى، لتعلن للعالم أنها «مش ضعيفة»، وأن بريقها لا ينطفئ أبدًا، بصوتها الذهبي رسمت لوحة من الفرح، لونها جمهورًا عاش معها جميع اللحظات، فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات وصور الحفل الذي تصدر الترند عالميًا تحت هاشتاج "أنغام في لندن".
وفي واحدة من أجمل لحظات الحفل، استقبل الجمهور أنغام بتحية طويلة وهتافات غامرة، لترد عليهم بكلمات مؤثرة حملت الكثير من الامتنان، إذ قالت: «أنا شفت السلامة وشفت المحبة وشفت الدعاء وشفت الرعاية منكم، وجودكم النهارده وحضوركم هو سلامتي وهو اللي رد لي صحتي وهو اللي نور حياتي، متشكرة جدًا».
ولم تكتفِ أنغام برسالة الشكر لجمهورها، بل بدأت قائمة شكرها من قلبها لبلدها مصر وسفيرها في المملكة المتحدة الذي دعم الحفل حتى يخرج بالصورة اللائقة، ثم وجهت تحية خاصة للمملكة العربية السعودية وهيئة الترفيه برئاسة المستشار تركي آل شيخ على رعايتهم ونقل الحفل عبر قناة mbc مصر، مؤكدة أن المحبة بين مصر والسعودية «إيد واحدة طول العمر»، كما وسعت رسالتها لتشمل كل بلد عربي، متمنية الخير والأمان والرخاء لكل الأوطان «بلد بلد وبيت بيت»، لتؤكد أنها صوت ينتمي للعالم العربي كله.
وفي لفتة لاقت تفاعلًا واسعًا، قلبت أنغام المعادلة حين طلبت هي من جمهورها في ختام الحفل أن تلتقط معهم «صورة العمر»، قائلة: «ممكن آخد معاكم صورة، النهارده أحلى ليلة في عمري أكيد، أنتم رديتولي عمري».
قدمت «صوت مصر» باقة من أجمل أعمالها: كل ما نقرب، عمري معاك، حالة خاصة جدًا، أكتبلك تعهد، مجبش سيرتي، سيبك انت وغيرها، وسط انسجام مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو هاني فرحات، الذي أعاد توزيع بعض الأغاني بإبداع لامس قلوب الجمهور، وكان أبرزها "حالة خاصة جدًا".
سيبتلي قلبي لأول مرة على المسرح
لم يكن نجاح أغنية «سيبتلي قلبي» في مجرد تصدرها قوائم الترند منذ لحظة صدورها، بل في ذلك الالتفاف الصادق الذي صنعه الجمهور حولها، فبرغم مرور أيام قليلة فقط على طرحها، جاءت أصوات الحاضرين تطلبها مع بداية الحفل، وحين غنتها أنغام، رددها الجميع عن ظهر قلب كأنها رافقتهم منذ زمن بعيد، ولم يكتفوا بها مرة واحدة، بل طلبوا أن يسمعوها مرة ثانية، لتتحول من «أغنية جديدة» إلى نشيد جماعي يعكس الحب الحقيقي بين الفنان وجمهوره، وذلك هو النجاح الملموس، الذي يتجاوز ضوضاء الأرقام إلى أثر واضح في القلوب.
الجمهور.. عائلة أنغام الكبيرة
الجمهور لم يكن مجرد مستمع، بل رأى في أنغام فردًا من عائلته يتألم لتعبها، يفرح لفرحها، ويزهو ويفخر بها في لحظات مجدها، هتفوا: «بص شوف أنغام بتعمل إيه»، وغنوا معها، وتبادلوا معها مشاعر المحبة، وفي تلك الليلة، بدا أن الحب المتبادل بين أنغام وجمهورها أكبر من أي كلمات، وأعمق من أي وصف، وجاء أحد التعليقات معبرًا: «الصوت الذهبي لا يصدأ مهما ابتعد عن الغناء، ما تفسده الأيام تصلحه أنغام».
أنغام.. ملكة المسرح وفخر الفن المصري والعربي
في تلك الليلة الاستثنائية، لم يكن الحفل مجرد ليلة موسيقية، بل كان احتفاءً بفنانة استثنائية حملت الفن المصري إلى مصاف العالمية، أنغام لم تكن نجمة تتلألأ في سماء لندن فحسب، بل كانت رسالة فخر واحتفاء بمصر كلها، هي اللؤلؤة العتيقة التي يزداد بريقها مع الزمن، القوة الناعمة التي تمثل مصر بصدق، وملكة المسرح التي يعرفها العالم، وأثبتت أن الصوت الحقيقي يُصنع على المسارح، أمام جمهور صادق، يملأ القاعات حبًا وفخرًا.
هكذا، كتبت أنغام اسمها من جديد في سجل التاريخ، لتكون المطربة المصرية التي أعادت الروح لمسرح رويال ألبرت هول بعد نصف قرن من غياب صوت مصري عنه، مؤكدة أنها بحق «صوت مصر»، و«قوة مصر الناعمة»، وملكة المسرح بلا منازع.
رحلة تتجاوز الحدود
أنغام لم تغني فقط في لندن؛ أنغام عبرت بصوتها الحدود والمحيطات، من ميدان تايمز سكوير في نيويورك، حيث تصدرت شاشاته الضخمة، إلى رويال ألبرت هول، حيث سُطر اسمها إلى جوار الكبار، وغدًا إلى باريس في الثاني نوفمبر، لتكمل مسيرة لا تعرف القيود ولا تقف عند حدود.