25 ديسمبر 2025 14:40 5 رجب 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
المنوعات الطب والصحة

مقاربات جديدة في الصحة العالمية: الملاريا والسكري بين الوقاية والشفاء

مصر 2030

يواصل البحث العلمي مسيرته في تقديم حلول مبتكرة لأبرز التحديات الصحية العالمية، بدءاً من الأمراض الطفيلية المتوطنة مثل الملاريا، وصولاً إلى الأوبئة المزمنة كمرض السكري من النوع الثاني. وحسب أحدث مستجدات الصحة والعلوم، تؤكد نتائج الدراسات والمؤتمرات الأخيرة أهمية التدخلات العلاجية المبتكرة، سواء كانت وقائية بسيطة أو برامج مكثفة لتغيير نمط الحياة. هذه التطورات تفتح آفاقاً جديدة للمرضى حول العالم، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من آخر أخبار الصحة التي تهم كل فرد يسعى لحياة أفضل.

الوقاية من الملاريا لدى الرضع: حل بسيط بنتائج عظيمة

الملاريا، وهو مرض طفيلي خطير ينتقل عن طريق لدغات أنثى بعوض «الأنوفيليس» , لا يزال يمثل تحدياً صحياً كبيراً، خصوصاً في أفريقيا حيث تقع أكثر من 95 في المائة من الإصابات والوفيات. ولأن الرضع هم من الفئات الأكثر عرضة للخطر، قدمت دراسة جديدة حلاً مبتكراً من شأنه أن يقلل معدلات الإصابة بشكل كبير.

تفاصيل الدراسة ونتائجها

كشفت دراسة استمرت ستة أشهر في أوغندا، وشملت 400 أم ومواليدهن، عن فعالية استخدام أقمشة لحمل الرضع معالجة بمبيد "البيرميثرين" الحشري. وقد تم استخدام لفافات قطنية معالَجة بالبيرميثرين، وهو نفس المبيد المستخدم في زي الجنود، ومقارنتها بلفافات معالَجة بالماء العادي (مجموعة ضابطة). وتلقّت كل الأمهات والرضع ناموسيات نوم معالَجة، لكن الفارق كان في قماش الحمل اليومي.

النتائج، التي نُشرت في دورية "نيو إنجلاند الطبية"، كانت مذهلة: قللت اللفائف المعالَجة حالات الإصابة بالملاريا لدى الرضع بنسبة 66 في المائة. وهذا يشير إلى أن الحماية اليومية المستمرة للرضع، حتى أثناء حملهم، تضاعف تأثير تدابير الوقاية التقليدية.

تحديات المتابعة والموازنة بين الفوائد والمخاطر

رغم النجاح الكبير، أقرّ الباحثون بضرورة إجراء أبحاث متابعة ممتدة، لا سيما لمراقبة آثار التعرض للبيرميثرين على النمو العصبي للأطفال. وأشاروا إلى الحاجة لموازنة دقيقة بين:

  • المخاطر المحتملة: التعرض طويل الأمد للمبيد الحشري.

  • الفوائد المؤكدة: تقليل الإصابة بالملاريا، والتي يمكن أن تسبب قصوراً إدراكياً طويل الأمد حتى بأشكالها غير المعقدة.

شفاء مرض السكري من النوع الثاني: تحول في نموذج المعالجة

بعيداً عن الأمراض الطفيلية، يشهد مرض السكري من النوع الثاني، الذي يصيب نحو 600 مليون بالغ حول العالم، ثورة في إدارة معالجته. الخبر السار، الذي أكدته الأدلة العلمية في المؤتمر المهني لجمعية السكري الكندية لعام 2025، هو أن تشخيص السكري لم يعد يعني بالضرورة تناول الأدوية مدى الحياة، بل أصبح "الشفاء" أو "الهدأة" هدفاً قابلاً للتحقيق.

التدخلات المكثفة تحقق الهدأة

يُعرف "شفاء مرض السكري من النوع الثاني" (Type 2 Diabetes Remission) بأنه العودة إلى مستويات الغلوكوز الطبيعية دون استخدام أدوية خافضة للسكر لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. وقد أظهرت الأبحاث أن العلاقة بين فقدان الوزن وهدأة المرض قوية للغاية، حيث يرتبط فقدان أكثر من 10 في المائة من وزن الجسم الأساسي بزيادة فرصة الهدأة بنسبة 70 في المائة بعد 5 سنوات.

تعتمد برامج الشفاء المكثفة، مثل برنامج هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في المملكة المتحدة، على مراحل متعددة وتتطلب التزاماً:

  1. المرحلة الأولية (3 أشهر): استبدال كامل للوجبات بمشروبات وحساءات منخفضة السعرات الحرارية (800-900 سعر حراري/يوم).

  2. مرحلة إعادة الإدخال (4 أسابيع): إعادة إدخال الأطعمة الصحية تدريجياً.

  3. مرحلة الصيانة (8 أشهر فأكثر): التركيز على التغذية الصحية طويلة الأمد والنشاط البدني للحفاظ على الوزن واستقرار سكر الدم.

الأثر الاقتصادي وتفوق الجراحة على الأدوية

أظهر تحليل كندي لـ 18 دراسة إكلينيكية أن التدخلات غير الدوائية (كالسلوك ونمط الحياة) زادت احتمال الشفاء من داء السكري من النوع الثاني بمقدار 5.80 مرة مقارنة بالمجموعة الضابطة. ويتمثل الأثر الاقتصادي لهذا الشفاء في إمكانية توفير تكاليف تصل إلى مليار جنيه إسترليني لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) في حال تطبيق البرنامج على جميع المؤهلين.

في سياق متصل، كشفت دراسة من جامعة نيويورك عن تفوق جراحة السمنة (مثل تكميم المعدة وتحويل مسار المعدة) على أدوية مثل سيماغلوتايد (أوزمبيك) وتيرزيباتايد في فقدان الوزن. فقد فقدت مجموعة الجراحة 25.7% من إجمالي وزن الجسم خلال عامين، مقابل 5.3% فقط لمجموعة الأدوية. وأشارت أفيري براون، من جامعة نيويورك، إلى أن فقدان الوزن في الواقع العملي مع أدوية (GLP-1) أقل بكثير مما تظهره التجارب السريرية، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع معدلات التوقف عن العلاج، ما يعزز مكانة جراحات السمنة كخيار أكثر استدامة وفعالية. ومع ذلك، لا يمكن إغفال الفوائد المتعددة لأوزمبيك في خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، بالإضافة إلى دوره الأصلي في علاج داء السكري من النوع الثاني.

الكلمات الأخيرة

يمر قطاع الصحة والعلوم بمنعطفات مهمة، حيث تُقدم حلول بسيطة لحماية الفئات الأكثر ضعفاً من الملاريا، وتُثبت التدخلات المكثفة لنمط الحياة قدرتها على تغيير مسار مرض السكري من النوع الثاني. إن تحقيق الشفاء من السكري يمثل تحدياً إيجابياً لنموذج المعالجة التقليدية، ويتطلب جهداً جماعياً بين المريض والفريق الطبي متعدد التخصصات. وبينما تتفوق الجراحة في فاعلية خسارة الوزن مقارنة بأحدث الأدوية، تظل الأبحاث مستمرة لتقديم خيارات علاجية أكثر تنوعاً وشمولاً.

مواقيت الصلاة

الخميس 12:41 مـ
5 رجب 1447 هـ 25 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:16
الشروق 06:49
الظهر 11:55
العصر 14:43
المغرب 17:01
العشاء 18:24
البنك الزراعى المصرى
banquemisr