وزير الري ونظيره الأردني يفتتحان أعمال المجلس الوزاري المشترك لوزراء المياه والزراعة العرب


افتتح الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، والمهندس رائد أبوالسعود وزير المياه والري الأردني، رئيس المجلس الوزاري العربي للمياه، اجتماع "المجلس الوزاري المشترك الثالث لوزراء المياه والزراعة العرب"، وذلك بحضور رئيس الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للمياه، ورئيس الجمعية العامة لوزراء الزراعة العرب، ورئيس المنظمة العربية للتنمية الزراعية، والأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشئون الاقتصادية بالمجلس، ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه.
وأعرب وزير الري عن بالغ التقدير لما تبذله الدول العربية من جهود مخلصة للارتقاء بمنظومة إدارة الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائي في الوطن العربي من خلال الإدارة الرشيدة للمياه، وتطلعه للخروج بحلول مشتركة للتحديات التي تواجهها المنطقة العربية في مجالي المياه والزراعة، مع التأكيد على استعداد مصر الكامل لمشاركة خبراتها وتجاربها مع أشقائها العرب.
وقال الدكتور سويلم: إن هذا الاجتماع يعكس إدراكا عميقا لحقيقة أن التحديات التي تواجه الدول العربية هي تحديات متشابكة تتطلب حلولا تكاملية، فالماء والغذاء والطاقة والبيئة باتت جميعها وجوها لعملة واحدة.
وأضاف أن المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم التي تواجه ندرة المياه؛ إذ أن أكثر من 65% من مواردها المائية تنبع من خارج أراضيها، مثل نهر النيل ونهري دجلة والفرات ونهر السنغال، وهو ما يفرض أعباءً جسيمة على الدول العربية لإدارة هذه الأحواض المشتركة.
وأشار سويلم، إلى أن تقارير الأمم المتحدة، توضح أن 19 من أصل 22 دولة عربية تقع ضمن نطاق الشح المائي، ويعاني أكثر من 90% من سكان المنطقة من مستويات حرجة من الندرة المائية.
ونوه إلى إن نصيب الفرد من المياه في معظم الدول العربية يقل كثيرًا عن حد الفقر المائي البالغ 1000 متر مكعب سنويًا، ليصل في مصر إلى حوالى 500 متر مكعب سنويا.
وأضاف أن هذه التحديات تتضاعف مع النمو السكاني المتسارع وتغير المناخ، بما يحمله من زيادة لدرجات الحرارة، وتكرار الظواهر المتطرفة كالجفاف والفيضانات، وهي ظروف تستدعي تعزيز التعاون والتكامل، لاسيما في ظل اعتماد معظم الدول العربية على موارد مائية عابرة للحدود، بما يحتم العمل في إطار من القانون الدولي والتنسيق العربي المشترك.
وتابع: "لقد أدرك الجميع منذ إعلان القاهرة 2019 الحاجة الملحة لتطوير آليات التنسيق المؤسسية بين قطاعي المياه والزراعة، وهو ما أسفر عن إنشاء اللجنة الفنية رفيعة المستوى، التي اجتمعت بشكل دوري لتناول قضايا جوهرية، من بينها: استخدام الموارد المائية غير التقليدية، تحسين توزيع المياه، سد فجوات البيانات، وتعزيز صمود قطاعي المياه والزراعة في مواجهة التغيرات المناخية".
وأشار إلى التجربة المصرية الرائدة من خلال إطلاق الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0، والتي تجسد عمليا مفهوم الترابط بين المياه والغذاء والطاقة (WEFE)، وتمثل نقلة نوعية نحو إدارة ذكية ومستدامة للموارد المائية، وقد قامت وزارة الموارد المائية والري بتطوير هذه المنظومة لتدمج التكنولوجيا والابتكار في جميع عناصر إدارة المياه، ومنها التوسع الكبير في مشروعات التحلية والمعالجة الثلاثية المتقدمة لدعم الأمن الغذائي، خاصة في المناطق الساحلية، وكذلك أهمية التحول للتحلية للإنتاج الكثيف للغذاء كأحد الحلول المستقبلية لمواجهة تحديات المياه والغذاء على المستوى العالمي.
وشدد على ضرورة النظر لعنصر الطاقة الذى يمثل نسبة كبيرة من تكلفة عملية التحلية خاصة مع التراجع المستمر في تكلفة إنتاج الطاقة من الخلايا الشمسية والذي سينعكس على تقليل تكلفة التحلية، وبالتالي فإنه يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية لجعل تحلية المياه لإنتاج الغذاء ذات جدوى اقتصادية شريطة استخدام المياه المحلاة في الإنتاج الكثيف للغذاء، ومراعاة إعادة دراسة البصمة المائية للمحاصيل.
وقال: إنه من المتوقع أن تتراجع هذه البصمة المائية مستقبلًا نتيجة استخدام نظم الزراعة المتطورة مما يعنى تراجع معدلات استهلاك المحاصيل للمياه.
وأوضح أن هذه المنظومة لا تستهدف فقط رفع كفاءة الموارد المائية، بل تسعى أيضا لبناء نموذج متكامل يوازن بين متطلبات التنمية وضرورات الاستدامة، وما يحقق الاستخدام الرشيد للمياه ويعزز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
وأعرب الدكتور سويلم عن شكره وتقديره لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا
"إسكوا"، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، على جهودهم المتواصلة ودعمهم الكريم منذ انطلاق الاجتماع الأول للجنة الفنية رفيعة المستوى للمياه والزراعة عام 2019 بالقاهرة، تحت عنوان "نحو آليات أكثر استدامة لتخصيص موارد المياه في المنطقة العربية".
وأكد أنه كان لهذا التعاون دور بارز في تنفيذ مخرجات إعلان القاهرة 2019، وتعزيز التنسيق بين قطاعي المياه والزراعة، والدفع نحو زيادة الاستثمارات المشتركة، وصولا للاجتماع الفني السابع الذي مهد لانعقاد الاجتماع الوزاري الثالث لوزراء المياه والزراعة العرب.
وشدد الوزير على ضرورة سد فجوات البيانات وتطوير أنظمة المعلومات من خلال إنشاء منصات عربية مشتركة لتبادل البيانات والخبرات، بما يدعم عملية صنع القرار ويعزز من كفاءة الاستثمارات، كما أن تعزيز صمود قطاعي المياه والزراعة أمام التغيرات المناخية يتطلب حلولًا عملية ومبتكرة، تبدأ من تحسين كفاءة الري وإدارة الطلب على المياه، وتمتد إلى إدماج الطاقة المتجددة في تشغيل محطات التحلية والمعالجة، والتوسع في الزراعة الذكية، وتبني آليات التأقلم مع الجفاف والفيضانات، وهو ما يعكس جوهر منهجية (Nexus) في ربط المياه بالغذاء والطاقة والبيئة.
وأكد وزير الري أن مصر نجحت في رفع الكفاءة الكلية لنظام الري إلى أكثر من 88% من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، بما يقارب 22 مليار متر مكعب سنويا، إلى جانب استيراد محاصيل تقابل نحو 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية لسد الفجوة الغذائية، وهذه الأرقام تعكس حجم التحدي الذي نواجهه جميعًا، لكنها أيضا تؤكد قدرتنا على تحويل التحديات إلى فرص عبر التعاون والتكامل.
يشار إلى أن أسبوع القاهرة الثامن للمياه يعقد تحت عنوان "حلول مبتكرة لتعزيز القدرة على الصمود المناخي واستدامة الموارد المائية"، بحضور عدد كبير من المسئولين والخبراء وصناع القرار من مختلف دول العالم.
وتركز أجندة أسبوع المياه في نسخته الثامنة هذا العام على خمسة محاور رئيسية هي: التعاون، العمل المناخي، الابتكار، الحلول المعتمدة على الطبيعة، والبنية التحتية المستدامة.
وبلغ إجمالي عدد المنظمات الدولية والإقليمية المشاركة في الأسبوع 95 منظمة دولية، فضلا عن تنظيم نحو 125 جلسة ضمن فعاليات الأسبوع.