17 نوفمبر 2025 18:40 26 جمادى أول 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الأخبار دين وفتاوى

ندوة ”البحوث الإسلامية” تسلط الضوء على مفهوم الحُريَّة المسئولة ودورها في بناء الحضارة

مجمع البحوث الإسلامية
مجمع البحوث الإسلامية

عقد مجمع البحوث الإسلامية، اليوم الاثنين، ندوة في جامعة أسيوط، تحت عنوان: "الحرية المسئولة جوهر الحضارة"، وذلك ضمن فعاليات الأسبوع الدعوي الرابع عشر، الذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة بالمجمع تحت عنوان: "مفاهيم حضارية"، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، وفضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.

وفي كلمته بالجلسة الأولى للندوة، بين الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة، أن الحضارة تقوم على توازن دقيق بين حقوق الفرد وواجباته تجاه المجتمع، وأن القرآن الكريم وضع ضوابط راسخة للحرية منذ خلق الإنسان؛ إذ له حق الاختيار ضمن حدود تحفظ كرامته وتمنع الفوضى، مشيرا إلى أن مفهوم "الحرية المسئولة" هو الذي يصنع حضارة حقيقية تستند إلى قيم وضمانات اجتماعية تتيح لكل فرد التطور دون اعتداء على الآخرين.

وأشار الدكتور يحيى إلى أن الانفلات الأخلاقي ليس من الحضارة في شيء، بل هو سبب سقوطها، موضحا أن الإسلام لم يلغ حاجات الإنسان الطبيعية، لكنه نظمها بقواعد تحفظ المجتمع من التفكك، وضرب مثالا بالنصوص القرآنية التي تحمي الإنسان من التهلكة، وتحفظ المجتمع من الإباحية، مشددا على أن بناء حضارة راقية يبدأ من التفرقة بين الحرية والفوضى، والاحتكام المستمر للقرآن الكريم والسنة النبوية؛ لترسيخ مجتمع يحيا بقيم العدل والكرامة والوعي.

من جانبه، أكد الدكتور الحسيني حماد، منسق المشاركة المجتمعية وحقوق الإنسان بفرع جامعة الأزهر في أسيوط، أن الشباب هم نبض الأوطان وركيزة الحضارة؛ يحملون راية البناء ويحفظون أمن المجتمع، وأن الإسلام منحهم مكانة خاصة، ورباهم على القيم والقيادة والإبداع، موضحا أن سيرة النبي ﷺ زاخرة بالنماذج المشرقة لشباب حملوا مسئوليات كبرى، ونشروا العلم، وصنعوا الحضارة، وقدموا أروع الأمثلة في حب الأوطان وخدمة الدين والمجتمع.

ولفت الدكتور حماد إلى أن أخطر ما يواجه الشباب اليوم هو محاولات سلخهم من هويتهم وقيمهم، عبر موجات فكرية مشوهة وتضليل رقمي يستهدف الثوابت والعقيدة والانتماء، منبها إلى ضرورة توجيه المنصات الرقمية توجيها واعيا؛ لحماية الشباب من التطرف والإلحاد وانهيار الهوية.

وفي الجلسة الثانية للندوة، قال الدكتور محمد عطا الله، عميد كلية البنات الإسلامية بأسيوط: إن الحرية قيمة عظيمة لا تكتمل إلا بضوابط تحفظ الدين والمجتمع؛ موضحا أن الضابط الأول للحرية هو: ألا تصادم الشرع، والثاني: ألا يترتب على ممارستها ضرر بالآخرين، وأكد أن هذه القواعد ليست تقييدا للإنسان، بل حماية له وللجماعة، مستدلا بحديث الشاب الذي جاء يطلب إذنا في الزنا، فحاوره النبي ﷺ بحكمة ورحمة، ليظهر أن الحرية لا تمنح على حساب الأخلاق أو الحقوق.

وتابع الدكتور عطا الله أن الحرية حين تفهم بمعزل عن الضوابط فإنها تتحول إلى معول هدم، لا وسيلة عمران، مستشهدا بقوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}، مبينا أن الحرية المسئولة هي التي تبني، أما الحرية المنفلتة فهي بوابة الفناء وسبب سقوط الأمم.

في السياق ذاته، أشار الدكتور مرتجى عبد الرءوف، المدير العام لمنطقة وعظ أسيوط، إلى أن الإسلام قدم نموذجا راقيا للحرية المسئولة والأمن الفكري، مستشهدا بموقف المرأة التي قالت للنبي ﷺ عن زوجها: «ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام»، فاحترم النبي ﷺ اختيارها، وقال لها: «ردي عليه حديقته»، وأمر زوجها بتطليقها تطليقة؛ في دلالة واضحة على أن حرية الإنسان -وخاصة المرأة- مصونة شرعا، موضحا أن حرية الرأي والتعبير في الإسلام جزء من منظومة إيمانية تنطلق من الإحساس بالأمانة والمسئولية أمام الله، وتقوم على حرية العقل والضمير والقلب قبل اللسان.

وأردف أشار الدكتور عبد الرءوف أن هذه الروح ظهرت جليا في بيت النبوة؛ إذ روي أن أم سلمة عاتبت عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما- قائلة: «عجبا لك يابن الخطاب؛ قد دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله ﷺ وأزواجه!»، وغير ذلك من المواقف؛ ليؤكد هذا أن الإسلام أرسى مساحة حرية واعية ومنضبطة، تمارس في إطار من الاحترام والمسئولية، لا الفوضى أو الانفلات.

فيما أوضح الشيخ يوسف المنسي، عضو أمانة اللجنة العليا لشئون الدعوة، أن الحرية تمثل جوهر الحضارة وقلبها النابض، فهي شرط وجود الإنسان بمعناه العميق، ومنها تنبع القدرة على الإبداع والتجديد، مشيرا إلى أن الإسلام رسخ قيمة الحرية بقوله تعالى: {لا إكراه في الدين}، واضعا أساس حضارة تقوم على القناعة لا الإكراه.

وشدد الشيخ المنسي على أن الحرية لا تعني الفوضى؛ بل ترتبط بالوعي وضبط الذات، وأن الاجتهاد الحقيقي هو ممارسة حرة ومسئولة مبنية على أدوات ومعرفة، لا مجرد انفلات أو فكر عشوائي، مضيفا أن حرية الفكر هي البوابة الكبرى للابتكار والتجديد، وأن الأمم التي تحمي عقول أبنائها من القمع، وتفتح أبواب النقد والاجتهاد؛ هي وحدها القادرة على التقدم وبناء حضارة حية تتجدد ولا تتجمد.

وتستمر فعاليات الأسبوع الدعوي الرابع عشر في جامعة أسيوط حتى يوم الخميس المقبل، بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف، تتنوع خلالها الندوات الفكرية التي تناقش قضايا: الحضارة، والعلم، والقيم، والحرية المسئولة، وحقوق الإنسان في ضوء الشريعة الإسلامية.

ندوة البحوث الإسلامية الحضارة

مواقيت الصلاة

الإثنين 06:40 مـ
26 جمادى أول 1447 هـ 17 نوفمبر 2025 م
مصر
الفجر 04:52
الشروق 06:22
الظهر 11:40
العصر 14:38
المغرب 16:58
العشاء 18:19
البنك الزراعى المصرى
banquemisr