هشاشة العظام بين الشباب.. ظاهرة صامتة تهدد الجيل الجديد
تحولت هشاشة العظام من مرض كان ينظر إليه لعقود باعتباره حكرا على كبار السن، إلى ظاهرة متزايدة بين الشباب في مصر والعالم، حيث سجل الأطباء خلال السنوات الماضية ارتفاعا ملاحظا في معدلات الإصابة بين الفئة العمرية من 18 إلى 35 عاما، ما يدق ناقوس الخطر حول نمط حياة جديد يهدد صحة العظام في سن مبكرة.
ورغم أن هشاشة العظام تعرف بأنها "المرض الصامت" لعدم ظهور أعراضه إلا في المراحل المتقدمة، فإن مخاطره كبيرة، حيث يؤدي إلى سهولة الكسور وضعف المفاصل وتراجع القدرة على الحركة.
نمط الحياة "الوجبات السريعة"
يرجع خبراء التغذية والعظام الارتفاع في هشاشة العظام بين الشباب إلى تغيرات حادة في نمط الحياة، إذ أصبح الاعتماد على الوجبات السريعة، والمشروبات الغازية، وقلة التعرض للشمس، وتراجع النشاط البدني، عوامل مباشرة تؤدي إلى فقدان الكتلة العظمية تدريجيا دون أن يشعر بها الشخص.
ويعد نقص فيتامين "د"، المسئول الأساسي عن امتصاص الكالسيوم، أحد أبرز الأسباب، حيث أن قلة التعرض لأشعة الشمس، والجلوس المطول في الأماكن المغلقة، والسهر لساعات طويلة أمام الشاشات، كلها سلوكيات حرمت الشباب من مصدرهم الطبيعي لهذا الفيتامين الأساسي.
المشروبات الغازية
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الإفراط في المشروبات الغازية، خاصة المحتوية على مادة الفوسفوريك، يؤدي إلى خلل في توازن الكالسيوم داخل الجسم، وهو ما يضعف العظام تدريجيًا.
كما أن الاعتماد المفرط على القهوة ومشروبات الطاقة، جعل الشباب في مواجهة نقص تدريجي في المعادن الأساسية للعظام.
ووفقا لتقارير طبية، فإن كل كوبين إلى ثلاثة أكواب من الكافيين يوميا قد يؤديان إلى تقليل امتصاص الكالسيوم بنسبة تصل إلى 15٪، وهي نسبة كافية على المدى البعيد لحدوث خلل في كثافة العظام.
السمنة والأنظمة الغذائية الخاطئة
أسهمت السمنة بدورها في زيادة خطر هشاشة العظام بين الشباب، فزيادة الوزن تؤثر على المفاصل وتزيد الضغط عليها، بينما يؤدي الاعتماد على الأنظمة الغذائية العشوائية إلى حرمان الجسم من البروتين والكالسيوم والفيتامينات اللازمة لبناء العظام.
ويلجأ بعض الشباب إلى الحميات القاسية لإنقاص الوزن، وهي حميات غالبًا خالية من العناصر الضرورية، مما يؤدي إلى نقص حاد في الكتلة العظمية خلال فترة قصيرة.
قلة ممارسة الرياضة
العظام مثل العضلات، تحتاج إلى حركة مستمرة لتحافظ على قوتها، ومع انتشار نمط الحياة "الجلوسي" لدى الشباب، سواء بسبب الدراسة أو العمل عن بعد أو الاستخدام الطويل للهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية، تراجعت قوة العظام تدريجيا.
وتشير الأبحاث إلى أن ممارسة الرياضة بانتظام، خاصة تمارين المقاومة والمشي السريع، تزيد الكثافة العظمية بنسبة تتراوح بين 3 إلى 6% سنويا، بينما يؤدي الجلوس الطويل إلى انخفاضها.
أعراض هشاشة العظام
رغم أن هشاشة العظام لا تظهر بوضوح في بدايتها، فإن هناك مجموعة من العلامات المبكرة التي يجب الانتباه إليها، أبرزها: آلام متكررة في الظهر والمفاصل دون سبب واضح.
إضافة إلى ضعف القدرة على الحركة أو الألم عند حمل الأشياء البسيطة، وتشنجات متكررة في العضلات، وانخفاض الطول قليلًا مع مرور الوقت، سهولة الإصابة بالكسور بعد السقوط البسيط.
طرق الوقاية
رغم خطورة المرض، فإن هشاشة العظام من الأمراض القابلة للوقاية بنسبة كبيرة، ويشدد الأطباء على مجموعة من الإرشادات الضرورية لحماية الشباب من الإصابة، أبرزها: التعرض للشمس لمدة 15 إلى 20 دقيقة يوميًا، وتناول أطعمة غنية بالكالسيوم مثل الحليب ومنتجاته، والسردين، والسبانخ، واللوز، والإكثار من البروتين لأنه عنصر أساسي في بناء العظام.
إضافة إلي ممارسة الرياضة 3 مرات أسبوعيا على الأقل، والابتعاد عن المشروبات الغازية وتقليل الكافيين، والتوقف عن التدخين لأنه أحد أكثر العوامل المدمرة للعظام، وإجراء فحص كثافة العظام لمن لديهم تاريخ عائلي للمرض أو يعانون نحافة شديدة.
فوائد التشخيص المبكر
تكمن خطورة هشاشة العظام في اكتشافها المتأخر، لذا ينصح الخبراء بضرورة التشخيص المبكر، خاصة للشباب الذين يعانون أعراضا مستمرة أو يتبعون نمط حياة غير صحي، وتساهم العلاجات الحديثة والأدوية الداعمة للعظام في وقف فقدان الكتلة العظمية ومنع حدوث الكسور مستقبلا.



















