”اللي باقي منك”.. فيلم يعيد نبض الذاكرة الفلسطينية ويخطف تصفيق جمهور جدة 9 دقائق

شهدت سينما 4 بميدان الثقافة في جدة أمس عرض الفيلم الفلسطيني "اللي باقي منك" ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، حيث استقبل الجمهور العمل بتصفيق حار استمر لأكثر من تسع دقائق، في لحظة مؤثرة أعادت الكثير من الفلسطينيين، خاصة أبناء حيفا، إلى ذكرياتهم العائلية المرتبطة بنكبة 1948.

وخلال اللقاء مع صناع الفيلم عقب العرض، تحدثت المخرجة شيرين دعيبس عن كواليس التجربة، مؤكدة أن العمل حمل لها تحدياً شخصياً وروحياً كبيراً، لأنه قائم على قصة حقيقية تمسّ ذاكرة الفلسطينيين. وقالت:
"كل فلسطيني يحمل حكاية من النكبة.. وكل عائلة لديها جرح لم يندمل. وهذا هو السبب الأساسي الذي جعلني أصنع هذا الفيلم."

وأوضحت دعيبس أن كتابة السيناريو بدأت خلال فترة جائحة كورونا عام 2020، لكنها احتفظت بملاحظات وأفكار حول شخصيات القصة لسنوات طويلة قبل ذلك، مما سهّل عليها صياغة نص متماسك وعميق. وأضافت أنها أنجزت ثلاث مسوّدات، وكانت ردود الفعل الأولى من القراء قوية، ما شجعها على المضيّ في إنتاج العمل سريعاً.
وأكدت أن الفيلم يروى قصة ثلاثة أجيال من عائلة فلسطينية، تعيش إرث النكبة وتأثيرها النفسي الممتد حتى اليوم.

وتابعت دعيبس:
"أردنا أن نُظهر إنسانيتنا رغم الألم. الفلسطينيون صمدوا لأكثر من ثمانين سنة من المعاناة، ولكنهم ما زالوا يحملون روح الحياة. الفيلم تكريمٌ لهذه الروح."
وأشارت إلى أنها ركّزت على شخصيات الرجال تكريماً لوالدها وجدّها، وتجسيداً لانتقال الصدمة عبر الأجيال، بينما ظل الصوت النسائي حاضراً كحامل لحكاية العائلة ومحاولة شفاء شروخها.

من جانبها، وصفت الممثلة ماريا زريق تجربتها بالفيلم بأنها شديدة الخصوصية، قائلة:
"هذه المرة الرابعة التي أشاهد فيها الفيلم، وفي كل مرة أبكي. جدتي من قرية عيلبون التي شهدت مذبحة بعد النكبة، وما زالت قصتها تعيش داخلي."

وسيبدأ الفيلم رحلته السينمائية في المنطقة من الأردن، بعد اختياره لتمثيل المملكة رسميًا في سباق الأوسكار لأفضل فيلم دولي. ويشارك في إنتاجه نجمان عالميان هما خافيير بارديم ومارك رافالو كمنتجين تنفيذيين.

امتد تصوير "اللي باقي منك" لمدة عام ونصف في مواقع بين رام الله والأردن وقبرص واليونان، وسبق أن نال إشادة واسعة بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان "صندانس" وعرضه الأوروبي في "كارلوفي فاري". كما حصل على سلسلة من الجوائز الدولية، من بينها ثماني جوائز جمهور، وجائزتا أفضل فيلم وأفضل سيناريو في مهرجان ماليزيا السينمائي الدولي.

وتدور أحداث الفيلم حول مراهق فلسطيني يجد نفسه في قلب احتجاج بالضفة الغربية المحتلة، فتقوده لحظة عنف إلى تغيير مسار عائلته. وتسترجع والدته خيوط الماضي الممتد لسبعة عقود، لتكشف كيف تغيّرت حياة العائلة منذ تهجيرها الأول عام 1948.

يشارك في بطولة العمل مجموعة من أبرز الأسماء الفلسطينية والعربية، منهم: صالح بكري، آدم بكري، محمد بكري، ماريا زريق، ومحمد عبد الرحمن.
والعمل من تصوير كريستوفر عون، وأزياء زينة صوفان، وموسيقى أمين بوحافة.

أما الإنتاج فهو لكل من: ثاناسيس كاراثانوس، شيرين دعيبس، مارتن هامبل، وكريم عامر، بالشراكة مع مؤسسات عربية ودولية، من بينها: OSN+، مدينة الإنتاج الإعلامي بقطر، Film Clinic، المجموعة الوطنية للصناعات الإبداعية، وTEN X Group، إضافة إلى الدعم التنفيذي من صندوق البحر الأحمر.
وتتولى The Match Factory توزيع الفيلم عالمياً، بينما تتولى شركة فيلم كلينك توزيعه في العالم العربي.