علي جمعة: في شهر شعبان ليلة عظيمة اغتنموها


نبه الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، أن فى شهر شعبان ليلة عظيمة هى ليلة النصف من شعبان.
وأفاد "جمعة" عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" أن النبى - صلى الله عليه وسلم- عظم من شأنها فقال: "إن الله ليطلع فى ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"، (رواه ابن ماجه وابن حبان).
وأبان عضو هيئة كبار العلماء أنه ورد فى فضل تلك الليلة أحاديث بعضها مقبول وبعضها ضعيف، غير أن الضعيف يعمل به فى فضائل الأعمال، ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.
وتابع: فى شعبان تم تحويل القبلة وهو حدث عظيم فى تاريخ الأمة الإسلامية، حيث كان تحويل القبلة فى البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهى العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية.
واستشهد المفتى السابق بقوله - تعالى-: (وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه)، فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه.
وواصل: وكون هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامى المرتبط بالله مباشرة؛ لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية، ليظهر من يتبع الرسول اتباعا صادقا عن اقتناع وتسليم، ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها.
واستكمل أنه بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام فى المدينة، صدر الأمر الإلهى الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام، ليس تقليلا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه، ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هى حقيقة الإسلام، حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصا لله، وليكون قبلة للإسلام والمسلمين.
وأردف: ليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام، مستندا إلى قوله - تعالى-: (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدا للرابطة الوثيقة بين المسجدين، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال، فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية.
واسترسل: الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات، إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق، قال تعالى: (وهو معكم أين ما كنتم)؛ فعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين).
ونبه إلى أنها دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام، ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم ﷺ فقد أخره الله ليقدمه، فهو وإن تأخر فى الزمان فقد تحقق على يديه الكمال.