قيام الليل في العشر الأوائل من ذي الحجة.. فرصة ذهبية لا تُعوض


مع دخول العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، يتجدد الحديث حول فضل هذه الأيام المباركة، ومدى عِظم الطاعات فيها، ومنها قيام الليل، الذي يُعد من أعظم القربات وأفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، خاصة في الليالي التي تتضاعف فيها الأجور وترتفع فيها الدرجات.
وتشير الأحاديث النبوية إلى أن هذه الأيام تعد من أفضل أيام الدنيا، حيث قال النبي محمد ﷺ:"ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر".
دخول العشر الأوائل من شهر ذي الحجة
ومن أبرز العبادات التي يمكن اغتنامها في هذه الليالي، قيام الليل والدعاء في الثلث الأخير منها، وهو وقت تنزل فيه الرحمة ويُستجاب فيه الدعاء، كما ورد في حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ:"ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري).
قيام الليل عبادة تُحيي القلب وتشرح الصدر وتمنح صاحبها شعورًا بالسكينة لا يُضاهى، وهي شرف لا يناله إلا من جد واجتهد، فقد قال جبريل للنبي ﷺ كما ورد في الحديث الصحيح:"شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس".
فالليل ليس وقتًا للراحة فقط، بل محطة روحانية عظيمة يغتنمها من أدرك قيمتها.
ويظن بعض الناس أن قيام الليل لا يكون إلا بعد نوم، لكن هذا اعتقاد غير دقيق؛ فقيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء ويستمر حتى قبيل الفجر، ولا يُشترط فيه النوم المسبق، وإن كان الأفضل أن يُصلى بعد نوم، كما كان يفعل النبي ﷺ.
الدعاء في جوف الليل.. مفتاح الإجابة
الثلث الأخير من الليل هو الوقت الذي يفيض فيه الله على عباده برحماته، ويُفتح فيه باب السماء لمن أراد أن يناجي خالقه.
وقد وردت عن النبي ﷺ أدعية كان يرددها حين يقوم للصلاة في جوف الليل، منها ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل:"اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت قيوم السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي، لا إله إلا أنت".
لماذا قيام الليل في ذي الحجة تحديدًا؟
شهر ذي الحجة، كأحد الأشهر الحرم، له خصوصية كبيرة، والأعمال الصالحة فيه أعظم أجرًا من أي وقت آخر، حتى أن بعض العلماء رأوا أن ليالي العشر من ذي الحجة قد توازي في فضلها ليالي العشر الأواخر من رمضان، لا سيما أن فيها ليلة يوم عرفة، وهي من أعظم ليالي العام.
قيام الليل في هذه الأيام يعد اختبارًا من الله لعباده، ومن وُفِّق لقيامها ولو بدقائق معدودة، كُتب له من الأجر ما لا يُحصى، وهو دليل محبة الله واصطفائه لعبده، كما أن دعاء الليل يُعد من أكثر الأدعية قبولًا، لما فيه من خلوة صادقة بين العبد وربه.