27 أكتوبر 2025 23:31 5 جمادى أول 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الأخبار

سيناء.. تحالف الأعماق لحماية كنز البحر الأحمر.. بروتوكول تاريخي يرسم ملامح سياحة بيئية مستدامة

أعماق البحر الأحمر
أعماق البحر الأحمر

في أعماق البحر الأحمر؛ حيث تتلاشى أضواء الشمس لتكشف عن لوحة فنية طبيعية من الشعاب المرجانية وأسرار الكائنات البحرية، تدور رحاة معركة من أجل البقاء.

معركة ليست بين الفريسة والمفترس، بل بين جمال الطبيعة وضغوط الحضارة، جنوب سيناء، تلك الجنة التي تستقطب آلاف الغواصين سنوياً، تقف اليوم على مفترق طرق: إما أن تكون ضحية لنجاحها السياحي، أو أن تصبح نموذجاً عالمياً للسياحة البيئية المسئولة.

في قلب هذه المعركة، يولد تحالف جديد، تحالف يربط بين متعة رياضة الغوص ومسؤولية الحفاظ على التنوع البيولوجي، ليؤكد أن حماية هذا الكنز الطبيعي ليست ترفاً، بل ضرورة حتمية.

من الخدمة إلى الرسالة: تحول دور مراكز الغوص

لم تعد مراكز الغوص في جنوب سيناء مجرد منشآت تجارية تؤمّن رحلات الاستكشاف في الأعماق، بل تحولت إلى قلاع للوعي البيئي وسفراء غير رسميين للبحر الأحمر، هذه المراكز، التي تلامس يومياً شغف الزوار بالعالم البحري، تدرك أن دورها يتجاوز تعليم تقنيات الغوص إلى غرس ثقافة الاحترام العميق للنظم البيئية الهشة.

من خلال برامج تدريبية صارمة، تُعلّم هذه المراكز الغواصين قواعد السلوك البيئي السليم: كيفية الطفاء فوق الشعاب دون لمسها، والابتعاد عن الكائنات البحرية، وفهم التوازن الدقيق الذي يضمن بقاء هذا النظام. كل غواص يخرج من هذه المراكز لم يعد مجرد سائح، بل حارس للبيئة، يحمل على عاتقه رسالة الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي.

بروتوكول "الزعانف الخضراء": شراكة إستراتيجية على الأرض

وهذا التحول في الدور لم يكن ليتجسد دون إطار تنظيمي داعم. في خطوة هي الأولى من نوعها، وُقّع بروتوكول تعاون استراتيجي بين وزارة البيئة، ممثلة في الدكتورة منال عوض، وغرفة الغوص والأنشطة البحرية، برئاسة الأستاذ مصطفى حفني. هذا الاتفاق ليس مجرد حبر على ورق، بل هو خارطة طريق متكاملة نحو إدارة مستدامة للمحميات البحرية، تهدف إلى تحقيق التوازن الدقيق بين التنمية السياحية والحفاظ على الثروات الطبيعية.

آليات الحماية: من الرقابة الرقمية إلى التمكين الميداني

تتجلى روح هذا البروتوكول في حزمة من الإجراءات العملية والمبتكرة التي تهدف إلى حماية الشعاب المرجانية من أي ضغوط مفرطة:

تنظيم دقيق للأنشطة: تم وضع قيود على عدد الرحلات اليومية في مناطق حساسة مثل "البلو هول" بمحمية أبو جالوم، وذلك لضمان عدم تجاوز "الطاقة الاستيعابية" للنظام البيئي والحفاظ على صحته على المدى الطويل.

ثورة رقمية في الإدارة: يُعد إنشاء تطبيق إلكتروني موحد للحجز والمراقبة قفزة نوعية في إدارة المحميات. التطبيق سيسمح بتنظيم دخول الزوار والأنشطة البحرية بشكل دقيق، مما يضمن الالتزام بالاشتراطات البيئية ويوفر بيانات حية لصناع القرار.

اعتماد بيئي إلزامي: يُلزم البروتوكول بمنح شهادات "الزعانف الخضراء" (Green Fins) للمراكز الملتزمة بالمعايير البيئية، ويقصر ممارسة الغوص على الغواصين الحاصلين على اعتماد بيئي، مما يخلق بيئة تنافسية صحية ترتقي بجودة الخدمات البيئية.

رصد علمي بالاعتماد على المجتمع: يُطلق البروتوكول العنان لتطبيق "Eco Monitor" كمنصة وطنية لرصد التنوع البيولوجي. بتمكين الغواصين المحترفين من تسجيل مشاهداتهم للسلاحف والدلافين وغيرها، يتم بناء قاعدة بيانات وطنية ضخمة وموثوقة، تحول كل غواص إلى عالم مواطن يسهم في فهم وحماية هذا العالم.

بنية تحتية صديقة للبيئة: يشمل التعاون تركيب وصيانة شبكة من الشمندورات البحرية لربط المراكب، مما يمنع إلقاء المراسي على الشعاب المرجانية ويحميها من التدمير المباشر.


نحو مستقبل مستدام: سيناء كنموذج عالمي

إن هذا التحالف المنظم بين الدولة والقطاع الخاص ومجتمع الغواصين، يرسم ملامح نموذج جديد للسياحة في مصر. نموذج لا ينظر إلى البيئة كعقبة، بل كشريك أساسي في التنمية. بهذه الخطوات المدروسة، تمضي سيناء قدماً لتصبح ليس فقط وجهة سياحية عالمية، بل أيقونة للسياحة البيئية المسئولة، ومصدر إلهام للمناطق الساحلية حول العالم. إنها حكاية الأعماق التي ترويها سيناء اليوم: حكاية شراكة حقيقية، أطرافها الإنسان والطبيعة، وهدفها الحفاظ على هذا الجمال للأبد.

أعماق البحر الأحمر سيناء حماية كنز البحر الأحمر بروتوكول

مواقيت الصلاة

الإثنين 11:31 مـ
5 جمادى أول 1447 هـ 27 أكتوبر 2025 م
مصر
الفجر 04:38
الشروق 06:05
الظهر 11:39
العصر 14:48
المغرب 17:13
العشاء 18:31
البنك الزراعى المصرى
banquemisr