«من اشترى رضا الناس بسخط الله».. احذر غضب الرَّب
أخلاق وصفات حميدة يبثها الدين في نفوس الناس فترتقي بها أرواحهم، وتصفى بها سريرتهم، وتتحسن بها تعاملاتهم، وتسعد بها قلوبهم، كيف لا وهو دين طاهر قويم ينشر الخير، ويحث على عمارة الأرض ويحفظ حياة الناس.
ومن تلك الأخلاق التي يبثها الدين ويحث عليها تلك التعاليم التي حض عليها الله جل وعلا في محكم التنزيل، ثم ما حث عليه النبي الأكرم في سنته التي هي أيضًا من التنزيل؛ قال الله (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى).
ونأخذك عزيزي القارئ في نزهة تصفو بها نفسك، وترتقي بها روحك، وتتعلم منها منهج حياة يضيء لك دنياك وآخرتك؛ من خلال حديث نبوي شريف يعلمك الخلق، وينشدك إلى ما فيه صلاح نفسك الأمارة بالسوء.
عن عائشة أم المؤمنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ؛ رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ» -أخرجه الترمذي بنحوه وصححه الألباني-.
رواية وشرح الحديث
وفي نص آخر للحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس».
وفي الدرر السَّنيَّة لشرح الحديث، فإن رضا الله عز وجل من أجل ما يسعى إليه كل مؤمن حصيف، فمن رضي الله عنه غفر له ورحمه وأدخله جنته، والفائز حقا هو من فاز برضا الله سبحانه وتعالى.
وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضا الله بسخط الناس»، أي: أيما أحد سعى في الفوز برضا الله عز وجل وطلب مرضاة الله عز وجل ولو كلفه ذلك كره الناس له وعدم رضاهم عنه وسخطهم عليه، «كفاه الله مؤنة الناس»، أي: حفظه الله من سخط الناس عليه وأرضى عنه الناس، وكفاه هم ذلك، «ومن التمس رضا الناس بسخط الله»، أي: وأيما أحد سعى في الفوز برضا الناس، ونيل مرضاتهم بمعصية الله وعدم المبالاة بما أمر وما نهى، وعدم الاحتراز من سخط الله، «وكله الله إلى الناس»، أي: ترك أمره إلى الناس، وسلطهم عليه، فلم يرضوه ولم يرضوا عنه، وسخط الله عليه، فمن أرضاهم بسخط الله لم يكن موقنا لا بوعده ولا برزقه؛ فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم، فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجونه منهم، وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة.
وفي الحديث: فضل من سعى في نيل مرضاة الله عز وجل، وأن ذلك سبب لكفايته مؤنة الناس.





















