25 أبريل 2024 16:59 16 شوال 1445
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
دين وفتاوى

هل الزوج مسؤول عن حجاب زوجته؟ مفتي الجمهورية يُجيب

فتاة محجبة
فتاة محجبة

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال أحد المواطنين ما هي حدود مسؤولية الزوج عن حجاب زوجته، وإذا كانت الزوجة ترفض لبس الحجاب فهل يجب على الزوج ضربها أو تعنيفها لإجبارها عليه، وهل يقع عليه إثم عدم حجابها؛ بأن الزوج كما هو مسؤول عن رعاية مصالح أهله الدنيوية، مسؤول كذلك عن رعاية مصالحهم الدينية؛ وذلك بأمرهم بطاعة الله تعالى ونهيهم عن معصيته، بالموعظة الحسنة والإرشاد وتوفير السبل لهم لتحقيق ذلك.

وأضافت الدار في الفتوى التي حملت رقم 15752، وأدلى بها الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، بأن الحجاب حق من حقوق الله يجب على كل امرأة مسلمة القيام به، فإن لم تفعل وجب على زوجها أن يأمرها به ويتلطف معها بالنصح ويذكرها بفرضيته ويحثها عليه، ويداوم على ذلك.

وأكمل مفتي الجمهورية: «لا يجوز للزوج إيذاؤها نفسيًّا، ولا بدنيًّا لإجبارها على الحجاب؛ إذ لم يأمر الله أحدًا أن يجبر الناس على طاعته، بل أمر بالأمر بها على جهة التذكير والحث، فإن قام الزوج بذلك فلا إثم عليه في تركها الحجاب»

واستشهد المفتي، بما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» متفق عليه.

تفصيل المسألة

قال العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (7/ 322، ط. مكتبة الرشد): [كل من جعله الله أمينًا على شيء، فواجب عليه أداء النصيحة فيه، وبذل الجهد في حفظه ورعايته؛ لأنه لا يسأل عن رعيته إلا من يلزمه القيام بالنظر لها وصلاح أمرها] اهـ.

وقد أناط الشرع الشريف بالرجل رعاية مصالح أهله بقدر وسعه ومستطاعه: فأما في رعاية مصالح البدن: فقد أمره الله تعالى بالنفقة بما يسد حاجتهم من مسكن وملبس ومأكل وعلاج دون أن يكلفه في ذلك فوق طاقته؛ قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7]. وأما في رعاية مصالح الأديان: فقد كلفه الله تعالى أن يأمرهم بالطاعات وإقامة العبادات وينهاهم عن القبائح والمحرمات، بالنصح والتعليم لهم والصبر عليهم مع مداومة الإرشاد؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6].

فروى ابن وهب في "تفسير القرآن" من "الجامع" عن زيد بن أسلم: أن أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أُنزِلَتْ هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ قالوا: يا رسول الله، لقد أوقينا أنفسنا، فكيف بأهلينا؟ قال: «تَأمُرُونَهُمْ بِطَاعَةِ الله، وَتَنْهوهُمْ عَنْ مَعَاصِي الله».

والحجاب فريضة على كل امرأة مسلمة عاقلة، ويتحقق بأن تلبس ما يستر كلَّ جسمها ما عدا وجهَها وكفيها؛ أيًّا ما كانت هذه الملابس؛ بحيث لا تصف ولا تكشف ولا تشف؛ امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].

وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وأشار إلى وجهه وَكَفَّيْهِ. أخرجه أبو داود في "سننه"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شعب الإيمان".

فإن لم تكن الزوجة ترتدي الحجاب الشرعي فإن مسؤولية الأمر به والحث عليه داخلة في نطاق مسؤولية زوجها عنها في رعاية مصالحها الدينية، ويجب عليه حينئذ أمرُها به، أمرَ إرشادٍ وترغيب، لا أمرَ إجبارٍ وترهيب.

فعن دِحية الكلبي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبًا لَا يَصِفُهَا» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود في "السنن".

فإن قام الزوج بمسؤوليته في نصح زوجته وحثها على الحجاب، ولكنها مع ذلك لم تتحجب، فعليه أن يصبر عليها مع المداومة على النصح والترغيب؛ إذ نص الشرع على وجوب أمر الأهل بالصلاة والصبر عليهم في أدائها وإقامتها، مع كون الصلاة عماد الدين وأول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة، فلأن يصبر الزوج على امرأته في الالتزام بفريضة الحجاب من باب أولى.

قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]. وقد جاء التعبير القرآني بالأمر بالاصطبار لا الصبر؛ لبيان أن الرجل مطالب بقدر زائد على معنى الصبر العادي؛ ليشمل كل حال يستدعي الضجر والشدة، فيكون مطالبًا حينئذٍ بتكلُّف الصبر وتَعَمُّده، دون ملل أو ضجر باعثين على النفور والإيذاء.

قال العلامة الطاهر بن عاشور في "التحرير والتنوير" (27/ 200، ط. مؤسسة التاريخ العربي، بيروت): [والاصطبار: الصبر القوي، وهو كالارتقاب أيضًا أقوى دلالة من الصبر، أي اصبر صبرًا لا يعتريه ملل ولا ضجر] اهـ.

فمسؤولية الزوج عن زوجته في القيام بحقوق الله تعالى مسؤولية دفع وتذكير ونصح وترغيب واتخاذ كافة الوسائل الممكنة المعينة لها على طاعة الله تعالى، فإن كانت الزوجة ممن يمتثل بالتلطف وجب عليه التلطف معها، وإن كانت ممن يمتثل بالزجر اتخذه وسيلة لذلك بشرط ألا يصل زجره لها إلى الإيذاء النفسي أو البدني.

وقد نص الشرع الشريف على أن الأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا كان ذلك لعموم الناس أو لأصحاب العداوات من المعارضين للحق؛ فلأن يكون بين الزوج وزوجته أولى.

قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125]. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34].

والإيذاء النفسي بحرمان الزوجة من حقوقها الأساسية كالنفقة، أو البدني كالتعدي بالضرب عليها؛ لأجل أن تتحجب: ليس من الحكمة في شيء، بل ربما أدى إلى نقيض المراد منه، وهو النفور مما كان سببًا لتعرضها للإيذاء النفسي أو البدني، كما جبل على ذلك البشر.

وقد نص الفقهاء على أنه ليس للزوج إيذاء زوجته بالضرب لإجبارها على الإتيان بحقوق الله تعالى، وإنه إنما يكتفي في ذلك بالوعظ والإرشاد، فإن لم يُفِدْ: جاز له زجرها بما لا يؤذيها إن غلب على ظنه إفادةُ ذلك؛ لأن منفعة قيامها بحقوق الله تعالى تعود إليها لا إليه.

قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (4/ 77-78، ط. دار الفكر): [(ويعزر المولى عبده والزوج زوجته) ولو صغيرة لما سيجيء (على تركها الزينة) الشرعية مع قدرتها عليها (و) تركها (غسل الجنابة، و) على (الخروج من المنزل) لو بغير حق (وترك الإجابة إلى الفراش) لو طاهرة من نحو حيض.. (لا على ترك الصلاة)؛ لأن المنفعة لا تعود عليه بل إليها] اهـ.

وقال العلامة الزرقاني المالكي في "شرح مختصر خليل" (4/ 105، ط. دار الكتب العلمية): [(ووعظ) الزوج أي: ذكر بما يلين القلب من ثواب وعقاب يترتبان على طاعته ومخالفته (من نشزت) أي: خرجت عن طاعته بمنع وطء أو استمتاع أو خروج بلا إذن، أو عدم ما أوجبه الله تعالى عليها من حقوق الله أو حقوق الزوج..(ثم هجرها) أي: تجنبها في المضجع من الهجران وهو البعد وغايته شهر أي الأولى له ذلك..(ثم ضربها) ضربًا غير مبرح.. ومثل غير المبرح اللكزة، فلا يضربها ضربًا مبرحًا وإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا به؛ لأنه تعزير لها قاله في "الجواهر" ثم قيد الضرب الجائز دون الأمرين قبله لشدة إيذائه دونهما وإن اقتضى تعليله الآتي أنهما مثله فقال (إن ظن) أي غلب على ظنه (إفادته) فإن لم يغلب على ظنه إفادته بأن شك لم يجز؛ لأنه وسيلة إلى صلاح الحال والوسيلة عند عدم ظن مقصودها لا تشرع ومر أن الأمرين قبله لا يعتبر فيهما ظن الإفادة بل يكفي شكها] اهـ.

وقال العلامة الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (9/ 228، ط. دار الكتب العلمية): [فكان له إجبارها في حق نفسه، لا في حق الله تعالى] اهـ.

وقال العلامة شمس الدين الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (8/ 22، ط. دار الفكر): [وللزوج تعزير زوجته لحق نفسه كنشوز، لا لحقه تعالى إن لم يبطل أو ينقص شيئًا من حقوقه] اهـ.

وقال العلامة الشرواني في "حاشيته شرح المنهاج" (1/ 452، ط. المكتبة التجارية): [وليس للزوج ضرب زوجته على ترك الصلاة ونحوها.. ومثل المعلم الزوج في زوجته فله الأمر لا الضرب] اهـ.

فعلى الزوج أن يديم النصح لزوجته في كل ما فيه طاعة ربها، ومن ذلك: فريضة الحجاب؛ بأن تستر جسمها ما عدا وجهها وكفيها، ولكن لا علاقة لذلك بإنفاقه عليها ما دامت غير ناشر؛ فالمعصية لا تمنع النفقة، كما أن عدم لبسها الحجاب ليس مبررًا له أن يمنعها من ممارسة حياتها، إلّا إذا علم انحرافها فعليه حينئذٍ أن يمنعها بسلطته من الانحراف قدر ما يستطيع.

فإذا قام الزوج بمسؤوليته في النصح والترغيب، مع المداومة على ذلك، فقد قام بما أمره الله تعالى به، ولا يأثم حينئذٍ عن معصية زوجته بتركها الحجاب، بل يقع إثم ذلك عليها وحدها؛ إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يأثم المسلم على معصية أهله إن نهاهم عنها فلم ينتهوا، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].

قال الإمام الطبري في "تفسيره" (12/ 286): [﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾، يقول: ولا تجترح نفس إثمًا إلا عليها، أي: لا يؤخذ بما أتت من معصية الله تبارك وتعالى، وركبت من الخطيئة، سواها، بل كل ذي إثم فهو المعاقب بإثمه والمأخوذ بذنبه] اهـ.

فتاة محجبة مسؤولية الزوج عن حجاب زوجته ضرب الزوجة بسبب الحجاب الإفتاء مؤسولية الزوج عن حجاب الزوجة الإفتاء الزوج مسؤول عن حجاب زوجته

مواقيت الصلاة

الخميس 04:59 مـ
16 شوال 1445 هـ 25 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:44
الشروق 05:18
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:28
العشاء 19:51
sports sports tech tech tech tech click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here click here
البنك الزراعى المصرى
البنك الزراعى المصرى