«طبيب الكفاح» من ورشة السمكرة إلى مدرجات الطب.. قصة شاب هزم الواقع بالإرادة


بين المطرقة والشاكوش، وفي زوايا ورشة صغيرة لإصلاح السيارات بمحافظة أسيوط، تبدأ يوميات حسن محمد، طالب الطب المعروف بلقب "طبيب الكفاح"، شاب عشريني لم يستسلم لظروفه، بل حمل على كتفيه أعباء أسرة مكونة من 8 أفراد، متحديًا الصعاب بسواعده في الورشة نهارًا، وبعقله وأحلامه في مدرجات الجامعة صباحًا.
حسن، لم يكن العمل "سمكري" مع والده خيارًا مفروضًا عليه، بل كان قرارًا نابعًا من قلبه، حيث يقول لـ"بوابة الأهرام"، "أنا مش طالع مغصوب على الشغل.. أنا طالع أساعد والدي علشان أوصل لحلمي وأساعد والدي".
من الورشة إلى الطب
منذ المرحلة الإعدادية، بدأ حلم حسن يتشكل، لكنه كان واقعيًا، ففكر جديًا في عدم استكمال التعليم الثانوي حتى لا يثقل كاهل أسرته بالمصاريف، إلا أن دعم جده وجدته كان حاسمًا، وأقنعاه بالاستمرار، واستجاب حسن، وأثبت لهم أنه أهل للثقة، فاجتهد حتى حصل على مجموع مرتفع أهله للالتحاق بكلية العلاج الطبيعي.
رغم الانتقال إلى الجامعة، لم يتخل حسن عن العمل في الورشة، بل ظل يشارك والده في كل ما يستطيع، من تصليح السيارات إلى توفير نفقات المعيشة، لم يكن ذلك مجرد تضحية، بل تعبيرًا عن شعوره بالمسؤولية تجاه أسرته ووالده، حيث أكد: "كان لازم أفضل أشتغل في الورشة.. لأني مش عايز والدي يحس إنه شايل الحمل لوحده".
قصة وثقها "تابلت قديم"
داخل الورشة المتواضعة، لم يكن الهاتف الذكي حاضرًا، لكن حلم حسن كان حاضرًا بكل تفاصيله، استخدم جهاز "تابلت" قديم حصل عليه في الثانوية العامة ليبدأ في تصوير مقاطع فيديو قصيرة توثق حياته اليومية بين الدراسة والعمل، وفوجئ الشاب بتفاعل كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين منحوه لقب "طبيب الكفاح"، وتفاعلوا مع قصته باعتبارها نموذجًا ملهمًا لجيل يسعى لبناء مستقبله رغم قسوة الظروف.
"الكرم مش بالمال بس"
رغم أنه لا يملك الكثير من المال، إلا أن حسن يشعر بالغنى بما يمتلكه من إصرار وعلم ومحبة من حوله، فاختتم حديثه قائلا: "حتى لو ربنا مكرمناش بالمال، كرمنا بالعلم.. ولكل مجتهد نصيب".