ساركوزي أول رئيس فرنسي يدخل السجن في قضية تمويل ليبي


في حدث غير مسبوق في تاريخ فرنسا وأوروبا، بدأ الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي تنفيذ حكم قضائي بالسجن لمدة خمس سنوات داخل سجن "لاسانتي" بالعاصمة باريس، بعد إدانته بالحصول على تمويل غير قانوني من النظام الليبي لحملته الانتخابية عام 2007.
ساركوزي، البالغ من العمر 70 عامًا، وصل إلى السجن الواقع في الدائرة الرابعة عشرة بجنوب باريس وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث استقبلته أصوات بعض السجناء من الزنازين مرددين: "أهلاً بك ساركوزي!".
وغادر الرئيس الأسبق منزله في أحد الأحياء الراقية برفقة زوجته كارلا بروني، بينما تجمع عدد من أنصاره خارج المنزل مطالبين بالإفراج عنه ومؤكدين براءته.
وعبر منصة "إكس"، جدد ساركوزي تأكيده على أنه "بريء"، قائلاً: "لا يُسجن رئيس سابق للجمهورية، بل يُسجن شخص بريء".
وبحسب ما أعلن فريق الدفاع، تقدم ساركوزي بطلب رسمي للإفراج الفوري عنه، فيما من المنتظر أن تبت محكمة الاستئناف في الطلب خلال شهرين، مع احتمال تقديم الموعد نظرًا لطبيعة القضية.
وتشير تقارير فرنسية إلى أن ساركوزي سيُحتجز في زنزانة منفردة تبلغ مساحتها تسعة أمتار مربعة، وهي واحدة من 15 زنزانة مخصصة للحبس الانفرادي داخل سجن "لاسانتي"، أحد أقدم وأشهر سجون فرنسا.
وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان أعلن أنه سيزور ساركوزي في محبسه، في خطوة اعتبرها البعض "استثنائية" تعكس حساسية الموقف.
وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها في 25 سبتمبر الماضي، بإدانة الرئيس الأسبق بتهم "التآمر الجنائي" و"التمويل غير المشروع"، في قضية وُصفت بأنها الأخطر في مسيرته السياسية.
القضاة برروا قرار الإيداع الفوري في السجن بـ"خطورة الوقائع الاستثنائية"، ومنحوه مهلة وجيزة لترتيب أوضاعه قبل تنفيذ الحكم.
وتعود تفاصيل القضية إلى عام 2007، حين سمح ساركوزي لبعض معاونيه المقربين، مثل بريس أورتوفو وكلود جيان، بالتواصل مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي للحصول على تمويل لحملته الانتخابية. وكشفت التحقيقات أن الاجتماعات بين الطرفين بدأت في نهاية عام 2005، وشارك فيها عبدالله السنوسي، مدير المخابرات الليبية آنذاك، والمدان لاحقًا بالسجن المؤبد غيابياً في فرنسا على خلفية تفجير طائرة فرنسية عام 1989 أودى بحياة 170 شخصًا.
بهذا يصبح نيكولا ساركوزي أول رئيس فرنسي يدخل السجن فعليًا، في واقعة تعيد طرح تساؤلات حول الشفافية والعدالة في الحياة السياسية الأوروبية.