من الوسيط الحقيقي بين ساركوزي والقذافي في قضية التمويل الليبي؟
بعد أكثر من عشر سنوات من الاتهامات والجدل، أُدين الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتهمة الفساد وتمويل حملته الانتخابية عام 2007 بأموال ليبية، في واحدة من أكثر القضايا السياسية إثارة في أوروبا خلال العقود الأخيرة.
لكن يبقى السؤال الأهم: من كان الوسيط الحقيقي بين ساركوزي والعقيد معمر القذافي؟
خيوط القضية
القصة بدأت حين اتهم عدد من المسؤولين الليبيين السابقين النظام الفرنسي بتلقي أموال من نظام القذافي لدعم حملة ساركوزي الانتخابية، مقابل وعود سياسية واقتصادية.
التحقيقات الفرنسية كشفت عن شبكة معقدة من الوسطاء ورجال الأعمال، كان أبرزهم رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين، الذي يُعتقد أنه نقل حقائب مليئة بالنقود من طرابلس إلى باريس.
تقي الدين قال في شهادته الأولى عام 2016 إنه سلّم بنفسه ثلاث حقائب تحتوي على 5 ملايين يورو نقدًا لأحد مساعدي ساركوزي، لكن المفارقة أنه تراجع لاحقًا عن اعترافاته، مما زاد من غموض القضية وأثار الشكوك حول وجود أطراف أخرى في الظل.
الوسيط المجهول
رغم شهرة اسم تقي الدين، إلا أن التحقيقات أشارت أيضًا إلى دور شخصيات أخرى مثل:
كلود غيان، مدير مكتب ساركوزي آنذاك، الذي وُجهت له اتهامات بالمشاركة في تمرير الأموال.
وبشير صالح، مدير مكتب القذافي والمشرف على الصندوق الليبي للاستثمارات، الذي كان همزة الوصل الأساسية بين النظام الليبي وعدة أطراف فرنسية.
وبحسب تقارير فرنسية، فإن بشير صالح ربما كان الوسيط السياسي الحقيقي بين الطرفين، بينما لعب تقي الدين دور الوسيط اللوجيستي في نقل الأموال.
القضية التي لا تنتهي
منذ 2013، تتوالى التحقيقات والاستجوابات في فرنسا، وشملت رجال أعمال ومسؤولين سابقين، بل وحتى مقربين من القذافي نفسه قبل مقتله عام 2011.
ومع صدور الحكم الأخير ضد ساركوزي بالسجن، تبدو القضية بعيدة عن الإغلاق التام، إذ ما زال هناك الكثير من الغموض حول تفاصيل التمويل، وهوية كل من شارك فيه فعليًا.
قضية "التمويل الليبي" ليست مجرد ملف فساد سياسي، بل مرآة لعلاقات معقدة بين باريس وطرابلس، امتدت من المصالح الاقتصادية إلى النفوذ السياسي.
أما "الوسيط الحقيقي" بين ساركوزي والقذافي، فيبدو أنه لم يكن شخصًا واحدًا، بل شبكة من الوسطاء والمصالح، ظلّت تعمل في الخفاء حتى انفجرت الحقيقة على السطح.

















