وزير الأوقاف: المتحف المصري الكبير رسالة روحية من قلب مصر إلى ضمير الإنسانية

قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في مقالٍ لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن افتتاح المتحف المصري الكبير يُمثل حدثًا يتجاوز كونه مشروعًا ثقافيًا ضخمًا، ليغدو رسالةً روحيةً من قلب مصر إلى ضمير الإنسانية، موضحًا أن هذا الصرح يعكس عمق الشخصية المصرية التي جمعت بين الإيمان والعلم، والروح والعقل، والماضي والمستقبل في لوحة واحدة من الإبداع الإنساني.

وأكد الأزهري أن مصر كانت ولا تزال قلب الحضارة النابض وأرض الرسالات والعطاء المتجدد، فعلى أرضها خُطّت أولى صفحات التاريخ، وشُيّدت أعظم الشواهد على عبقرية الإنسان وإيمانه بخالقه، مشيرًا إلى أن الحضارة لا تُبنى بالحجر وحده، بل بالعقل والروح والإيمان.

وأوضح أن المتحف المصري الكبير يجسد مبدأ العمران في أسمى صوره، إذ يمزج بين العمران المادي الذي شيده المصريون، والعمران الروحي الذي يعبر عن سعي الإنسان الدائم لمعرفة الله من خلال التأمل في الكون والخلق والتاريخ، مؤكدًا أن كل قطعة أثرية داخله «تحكي قصة إنسانٍ بحث عن الله وترك أثر إيمانه بالخلود والحساب على جدران التاريخ».

وأشار الوزير إلى أن الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة إيمانٍ وضميرٍ وليست حضارة حجرٍ وصنم، فالمصري القديم آمن بالحياة الأخرى، وبأن العمل الصالح والعدل والصدق هي مفاتيح البقاء الأبدي — وهي ذات القيم التي جاءت بها الرسالات السماوية فيما بعد.

وشدد الأزهري على أن الحفاظ على هذا التراث العظيم واجب ديني وإنساني، لأن الله أمر بالتأمل في آثار الأولين، معتبرًا أن المتحف ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل منارة للتدبر والتفكر في آيات الله في التاريخ والإنسان، داعيًا الزائرين إلى أن تكون زيارتهم «رحلة عقلٍ وروح».

وأوضح أن افتتاح المتحف يمثل حدثًا عالميًا يليق بعظمة مصر وتاريخها المجيد، ويؤكد أن حاضرها امتداد لمجد أجدادها، وأنها لا تزال قادرة على إبهار العالم كما فعلت عبر العصور، فهو رسالة حضارية خالدة تجمع بين أصالة الماضي وروح الحاضر وآفاق المستقبل.

وأكد الأزهري أن هذا الصرح العظيم يجسد رؤية القيادة السياسية التي تسعى لإحياء رسالة مصر التاريخية في نشر قيم السلام والعلم والاحترام المتبادل بين الشعوب، مشيرًا إلى أن افتتاح المتحف في هذا التوقيت يعبر عن تلاحم العلم والإيمان، والتراث والهوية، والدين والحضارة كرسالة واحدة، إذ إن الإيمان الصادق هو الذي يدفع إلى العمل والعطاء وخدمة الإنسانية.

واختتم الوزير مقاله مؤكدًا أن مصر اليوم تجدد رسالة أجدادها الذين شيّدوا حضارة خالدة على أساس من الإيمان بالله واليقين بخلوده، لتواصل مسيرتها بروح تجمع بين الأصالة والتجديد، والعلم والأخلاق، والإيمان والعمل، في تجسيدٍ لمعنى الأمة الوسط التي أرادها الله شاهدةً على العالمين.