الإفتاء: المصريون القدماء وحدوا الخالق وآمنوا بالبعث
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الإيمان بالبعث والحساب لم يكن فكرة وافدة على مصر القديمة، بل هو معتقد أصيل في وجدان المصريين منذ آلاف السنين.
وأوضح أن المصري القديم كان على يقين بأن للحياة امتدادًا بعد الموت، وأن هناك محكمة إلهية تحاسبه على ما قدمت يداه في الدنيا، وهو ما عبّر عنه بجلاء في نصوص “كتاب الموتى” الذي وثّق رحلة الروح إلى العالم الآخر.
وخلال حديثه في لقاء تلفزيوني مساء اليوم، الأربعاء، أوضح الورداني أن المصريين القدماء عبّروا عن إيمانهم بالله الواحد بعبارات توحيدية بليغة، من بينها قولهم: "أنت الأول وليس قبلك شيء، وأنت الآخر وليس بعدك شيء"، وهي كلمات تعكس وعيًا عميقًا بوحدانية الخالق، حتى أن عددًا من العلماء والمفكرين، ومنهم الدكتور مصطفى محمود، دعوا إلى إعادة قراءة التاريخ المصري القديم من منظور توحيدي يبرز الجذور الإيمانية للحضارة المصرية.
وقال أمين الفتوى إن الحضارة المصرية كانت من أهم محطات النور الإلهي في تاريخ الإنسانية، إذ امتزج فيها الإيمان بالعلم، والجمال بالروح، مشددًا على أن العقيدة لم تكن غريبة عن المصري القديم، بل كانت جزءًا من هويته الوجودية، وأن قراءة التاريخ المصري ينبغي أن تنطلق “من عند الله”، أي من فهم يربط بين الإيمان والعمران، وبين الروح والفكر، لا أن تُختزل في صور وثنية لا تعكس حقيقتها.
وبيّن الورداني أن المعابد المصرية لم تُبنَ لعبادة الأصنام كما يُروّج البعض، وإنما كانت مؤسسات فكرية وروحية راقية، تُعنى بالتأمل في عظمة الخالق، والتدرّب على الإتقان والجمال.
وضرب مثالًا بمعابد الأقصر والكرنك، التي تجسد دقة هندسية وروحية نادرة، حيث كان المصري القديم يدخلها ليعيش لحظة من الخشوع أمام خالقه، متأملًا في النظام الكوني الذي أبدعه الله.
وأشار إلى أن النقوش الدقيقة وتوزيع الضوء داخل المعابد لم تكن رموزًا وثنية، بل دلائل على عمق التأمل والبحث عن الكمال الإلهي، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «إن الله جميل يحب الجمال». وأضاف أن هذا الإتقان الفني والروحي يكشف عن روح إيمانية عميقة آمنت بأن الجمال وجه من وجوه العبادة.
واختتم الدكتور عمرو الورداني حديثه قائلًا إن زيارة المتاحف والمعابد اليوم يجب أن تكون رحلة روحية وتأملية، تُعيد الإنسان إلى جذوره الأولى وتُذكره بعظمة الخالق.
وتابع: "المعابد لم تكن ضد الإيمان، بل كانت بداية طريق المعرفة والتأمل، ومصر ستظل بلد النور والإيمان والجمال، التي أضاءت للعالم طريق الحضارة والروح معًا".



















