21 ديسمبر 2025 18:46 1 رجب 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الأخبار

المفتي: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية

المفتي
المفتي

أكَّد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المؤسسة الدينية تضطلع بدَور محوري في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف تشويه وعي الأمة، والنَّيْل من دينها ولغتها وتاريخها، وبث نظرة دونية لدى بعض أبنائها تجاه ذواتهم وأوطانهم، في محاولة لاستعباد العقول وإفراغها من قيمها، والقضاء على حاضر الأمة ومستقبلها.

وأوضح، أن الأمة تواجه اليوم حروبًا أشد خطورة من حروب السلاح، تقوم على تشويه الوعي وبث الشكوك حول الهُويَّة والرسالة الحضارية، مؤكدًا أن الاعتداء على مكونات الهُويَّة من دين ولغة وتاريخ ووطن يحوِّل الأمة إلى جسد بلا روح وكيان بلا وجود، ويُفقدها قدرتها على الفعل والبناء.

يأتي ذلك خلال كلمته في الندوة التي عقدتها كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمحافظة كفر الشيخ تحت عنوان "حرب الهُويَّة وسبل المحافظة عليها"، بحضور الدكتور زكي صبري عميد الكلية، والدكتور ماهر الجبالي وكيل الكلية، وعدد من رؤساء الأقسام، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والطالبات.

وأشار المفتي إلى أن الغزو العسكري مهما بلغ من السيطرة لا بد أن ينتهي بالخسارة، وهو ما دفع المعتدين إلى تبنِّي الحروب الفكرية التي تستنزف الخيرات وتبتر الأحلام دون خسائر مادية مباشرة، عبر تأجيج الفتن، واتهام الدين بما ليس فيه، ومحاربة اللغة العربية بوصفها الجسر الواصل بين الدين والتاريخ والوطن والإنسان.

وشدد على ضرورة التصدي لهذه الحرب التي تستهدف التقليل من قيمة الإنسان وتحويله إلى رأس بلا فكر وجسد بلا روح، محذرًا من الخطابات التي تزعم تعارض الدين مع العقل أو مناقضته للعلم، في محاولة للنيل من الهُويَّة.

وأكد أن الدين الصحيح هو الحافظ للإنسان، والمتفاعل مع الواقع والتاريخ، والقادر على بناء وعي متوازن يحمي الهُويَّة ويصون مقوماتها في مواجهة التحديات المعاصرة؛ وأن اتهام الدين بالجمود أو التشدد أو الانغلاق يُعَدُّ من أخطر أدوات التطرف، حيث تُوظَّف هذه الاتهامات لربط الدين بتصورات مشوهة تُقدَّم بمعزل عن القواعد الفقهية والأصولية المعتبرة، بما يؤدي إلى إخراجه عن مقاصده الصحيحة وإفراغه من مضمونه العلمي الرصين.

وتناول ما يُثار من دعوات تنادي بضرورة إخضاع الدين للأحوال المتغيرة دون ضوابط شرعية تُفقد الدين مرجعيته، وتهدم بنيانه المعرفي، ومن ذلك قضايا الميراث، إذ إن فلسفة تشريعه تقوم على اعتبارات متعددة، منها اختلاف الأعباء المالية والأدوار والمسؤوليات، موضحًا أن المرأة لا ترث النصف في جميع الأحوال، بل توجد حالات ترث فيها أكثر من الرجل أو يرث الرجل ولا ترث هي، مؤكدا أن تناول هذه القضايا بصورة مبتورة يهدف إلى تصوير الدين بوصفه جامدًا ومُعاديًا للعقل.

وبين مفتي الجمهورية أن العلاقة بين العقل والدين علاقة تكامل لا تعارض، مستشهدًا بقول الراغب الأصفهاني: "العقل قائد، والدين مدد؛ فلولا الدين لم يكن العقل باقيًا، ولولا العقل لظل الدين حائرًا، وباجتماعهما يكون النور على النور"، محذرًا من سوء النية وراء التقليل من شأن الدين، مشددًا على أن الشريعة أوجبت إعمال العقل وضبطته بسلامة الفطرة والموضوعية ليكون أداة للبناء لا وسيلة للهدم.

وأوضح أن القرآن الكريم قرَّر مبدأ محدودية العقل الإنساني، مؤكدًا أن المعرفة البشرية مهما بلغت تظل قاصرة، وأن القرآن كتاب هداية لا كتاب علوم تجريبية، جاء بمنهج كلي صالح لهداية الناس عبر العصور.

وشدد على أن دار الإفتاء المصرية تنتهج احترام التخصص والرجوع إلى أهله في القضايا المعاصرة والعلمية الدقيقة، إيمانًا بأن ضبط الفتوى لا يتحقق إلا من خلال التكامل بين المعرفة الشرعية والخبرة التخصصية في مختلف المجالات.

وشرح أنه في إطار دائرتَي الحاكمية والمحكومية يتعامل العالم والطبيب والمهندس بمنطق المنفعة والمصلحة، بينما يتدخل الدين لإبراز القيم الأخلاقية والضوابط الشرعية الحاكمة لهذا المسار، مؤكدًا أن أخلاقًا بلا دين عبثٌ ونفعيةٌ مجردة لا تضبط سلوكًا ولا تصون إنسانًا، ومن ثم نعى فضيلته على الفلسفات التي تقوم على نسبية الأخلاق وتبرير الوسيلة بالغاية، معتبرًا أن هذا التصور يتعارض مع شريعة الإسلام التي تُقيم ميزان القيم على الثوابت لا الأهواء، وتربط المقاصد بالوسائل ربطًا أخلاقيًا صارمًا.

المفتي المؤسسة الدينية مواجهة الحروب الفكرية

مواقيت الصلاة

الأحد 04:46 مـ
1 رجب 1447 هـ 21 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:14
الشروق 06:47
الظهر 11:53
العصر 14:41
المغرب 16:59
العشاء 18:22
البنك الزراعى المصرى
banquemisr