برلماني يقترح إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري وحماية المواطنين من النصب
تقدم المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، باقتراح برغبة موجَّه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزراء الإسكان والعدل والتنمية المحلية، بشأن إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري المصري، بهدف حوكمة التعاملات العقارية وحماية المواطنين من وقائع النصب والاحتيال.
وقال الجندي إن السوق العقاري المصري يشهد توسعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، في ظل الطفرة العمرانية والمشروعات القومية والاستثمارية الكبرى، وما صاحبها من دخول أعداد كبيرة من المطورين والوسطاء العقاريين إلى السوق، سواء بصورة رسمية أو غير رسمية. وأوضح أنه رغم أهمية القطاع العقاري كأحد محركات النمو الاقتصادي، فإن غياب كيان تنظيمي موحد وافتقار السوق للرقابة الفعالة أسهما في انتشار وتكرار وقائع النصب والاحتيال على المواطنين.
وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن هذه الوقائع تتمثل في بيع وحدات دون سند قانوني أو تراخيص معتمدة، والاستيلاء على مدخرات المواطنين و«تحويشة عمرهم» عبر الإعلانات الوهمية، حيث يتم جمع أموال من المشترين دون تنفيذ المشروعات أو استكمالها أو تسليم الوحدات المتعاقد عليها لسنوات طويلة، فضلًا عن تضارب الاختصاصات بين الجهات المعنية بالعقار، وانتشار سماسرة غير مرخصين يسيئون إلى السوق ويهدرون حقوق المتعاملين، وضعف قواعد الإفصاح والشفافية في التعاقدات العقارية، ما أسفر عن عشرات الآلاف من القضايا المتداولة أمام المحاكم، واستيلاء على مبالغ تُقدَّر بمليارات الجنيهات.
وأوضح الجندي أن المشكلات القائمة بين الملاك وشركات التطوير العقاري ليست جديدة، لكنها تفاقمت مؤخرًا مع الزيادة الكبيرة في عدد الشركات العاملة بالسوق، ودخول مستثمرين غير متخصصين إلى المجال، وهو ما أدى إلى وجود فجوات في التخطيط والتنفيذ لدى بعض الشركات غير المدربة. وأضاف أن بعض شركات التسويق العقاري تسهم في تضليل مطورين غير محترفين، من خلال تشجيعهم على طرح وحدات بأسعار غير واقعية لا تغطي تكلفة البناء الفعلية، ما يؤدي لاحقًا إلى تعثر المطور وفشله في استكمال المشروع، ولجوء بعض الشركات إلى مخالفة المواصفات، وتأخير التسليم، والمطالبة بزيادات سعرية غير مبررة.
ولفت إلى أن تأخر تسليم الوحدات أصبح نمطًا عامًا وليس حالات فردية، مشيرًا إلى أن جزءًا من هذا التأخير يعود إلى تعطُّل الإجراءات الحكومية، سواء في إصدار القرارات الوزارية أو التراخيص أو إمدادات المرافق، إلى جانب تضارب الاختصاصات بين الجهات المعنية، وهو ما يؤثر مباشرة على الجداول الزمنية للتنفيذ. وأضاف أن المطورين غير الجادين يستغلون هذه الفجوات الزمنية في توجيه أموال المشروعات لاستخدامات أخرى، ما يفاقم الأزمة.
وشدد الجندي على أن غياب الرقابة يسمح بالتوسع دون ضوابط، ويضع المشترين في مواجهة مباشرة مع الشركات دون حماية فعلية، مؤكدًا أن ترك السوق العقاري دون تنظيم واضح أدى إلى تفشي مشكلات التلاعب في العقود، وفرض رسوم غير منصوص عليها، وتأخير التسليم. وأوضح أن نظام البيع على الخريطة بصورته الحالية يمثل أحد أبرز أسباب الفوضى، لاعتماده على أموال العملاء دون ضمانات كافية للالتزام بالجداول الزمنية، ما يفتح الباب أمام التلاعب وإعادة تدوير الأموال في مشروعات أخرى.
وقال الجندي إن شهادات المتضررين تعكس أزمة ثقة ممتدة لا تتعلق فقط بجودة المشروعات أو التزام الشركات، بل بغياب جهة محايدة يمكن الرجوع إليها، وانعدام قناة رسمية لتلقي الشكاوى وضمان الحد الأدنى من الشفافية. ومع تصاعد النزاعات، تتزايد المطالب بإنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري، تكون قادرة على وضع قواعد ملزمة، ومراقبة استخدام مقدمات الحجز، والتحقق من توافر الغطاء المالي قبل البيع، ومراجعة التنفيذ ميدانيًا بشكل دوري، بما يعيد الثقة للمواطن قبل المستثمر، ويغلق الباب أمام ممارسات النصب والاحتيال.
وأكد الاقتراح برغبة ضرورة الإسراع في إصدار تشريع لإنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري في مصر، تكون الجهة المختصة بحوكمة وضبط التعاملات العقارية، بما يحقق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية حقوق المواطنين. وأوضح أن الهيئة يمكن أن تتولى تنظيم عمل المطورين والوسطاء العقاريين، وإعداد سجل موحد لهم، ومنح التراخيص اللازمة، ووضع معايير ملزمة للإعلان والتسويق العقاري، ومراجعة واعتماد العقود النموذجية، وتلقي شكاوى المواطنين والتحقيق فيها بالتنسيق مع الجهات المختصة، إلى جانب إلزام الشركات بالإفصاح الكامل عن الموقف القانوني للأراضي والمشروعات.



















