24 ديسمبر 2025 21:27 4 رجب 1447
مصر 2030رئيس مجلسي الإدارة والتحرير أحمد عامر
الأخبار

الأرقام لا تكذب.. وزارة التعليم تنسف المستحيلات الخمس وتهدد أضخم بيزنس تغذى على الغياب الجماعي

الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني
الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني

قبل عام ونصف فقط، كانت أكثر الملفات المؤرقة للحكومة، كيف يُمكن أن تختفي الصورة غير السوية عن واقع الكثافات الطلابية في المدارس، وبأي طريقة يُمكن أن تُعالج أزمة نقص المعلمين؟، وما الحلول السحرية التي يُمكن أن تلجأ إليها لإعادة الطلاب إلى المدارس مرة أخرى؟، بعد أن كانت تطاردها صور تُلتقط من هنا ومن هناك، لتلاميذ يفترشون الأرض لعدم وجود مقاعد داخل الفصل، أو مقطع فيديو لفوضى داخل فصل لعدم وجود معلمين.

في أقل من عام ونصف، اختفت الصورة غير السوية عن واقع الكثافات وعجز المعلمين والفصول الخاوية أحيانا من الطلاب، عندما ابتكرت وزارة التربية والتعليم، في عهد الوزير محمد عبداللطيف، حلولا فنية من خارج الصندوق، دون أن تكلف موازنة الدولة جنيها واحدا، في ذروة أزمة اقتصادية اعتقد كثيرون، أنها ستكون لها انعكاسات كارثية على الوضع داخل المدارس، بينما حدث العكس تماما، وانتهت المشكلات المتوارثة من عقود، مجانا.

هكذا كان يأمل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فهو الذي كان مهموما بملف الكثافات الطلابية وعجز المعلمين بالمدارس، وكثيرا ما دعا المصريين في مناسبات رسمية، ومداخلات تليفزيونية، إلى الصبر وتعهد بحل تلك المشكلة باعتبارها أولوية قصوى للحكومة، وهو الوعد الذي تحقق بإرادة واحترافية وحلول فنية مبتكرة، مصدرها الوزير محمد عبداللطيف، ورفاقه بالوزارة، عندما انتهجوا مسارا غير تقليدي في مواجهة تلك المشكلات المعقدة والمتوارثة من حكومات سابقة.

أصبح الثابت الوحيد تقريبا، الذي لا ينكره طالب أو ولي أمر أو معلم في مصر، أنه لا توجد مدرسة واحدة بها كثافات طلابية، ورغم ذلك، هناك تيارات وخصوم سياسيون للحكومة، لا زالوا يشككون في هذا الإجراء، باعتبار أن المشكلة لا يمكن حلها في توقيت قياسي، لكن على الأرض، لم تعد هناك مشكلة من الأساس، وفرت الدولة قرابة 300 مليار جنيه كانت تحتاجها لبناء مدارس جديدة، وسواء كانت توفرت تلك الأموال والأراضي أم لا، فمتى ستُبنى كل هذه المدارس؟.

لم تكن المشكلة مرتبطة فقط، بتوفير ملاءة مالية معتبرة رغم الأزمة الاقتصادية، ولا أراضٍ شاسعة رغم شح الأراضي الصالحة لبناء مدارس، بل كانت أيضا متعلقة بالتوقيت الذي تحتاجه الحكومة لبناء عشرات الآلاف من الفصول، بينما كل إمكانيات هيئة الأبنية التعليمية سنويا، هي بناء 15 ألف فصل فقط، أيّ أن الدولة كانت تحتاج على الأقل، أن تبني 5 أضعاف هذا الرقم لمدة 5 سنوات على الأقل، إذا أرادت حل أزمة الكثافات، وهو ما يُظهر حجم المشكلة وتعقيداتها.

ماذا فعلت الوزارة ببساطة شديدة؟!.. الإجابة أنها فكّرت خارج الصندوق.. ومن بين تلك الأفكار أنها استغلت كل غرفة مدرسية تستحق أن تكون فصلا دراسيا (مثل غرف الكنترولات وغرف أخرى إدارية وأخرى كانت للرواكد) ونجحت في إضافة 98 ألف فصل، وهو رقم ضخم لو كانت هيئة الأبنية التعليمية شيدت كل هذه الفصول، كانت ستحتاج إلى قرابة سبع سنوات، لأنها تبني 15 ألف فصل فقط في السنة الواحدة، أيّ أن الوزير قفز لسبع سنوات مقبلة مرة واحدة، أو بفكرة واحدة غير تقليدية، وفوق كل ذلك وفّر على الدولة مبالغ ضخمة، إذا تم حساب توفير قيمة 98 ألف فصل، وتكلفة الفصل الواحد تقترب من 2 مليون جنيه.

السؤال الأهم: ماذا لو تأخرت إضافة الـ 98 ألف فصل لسبع سنوات مقبلة، في ظل هذه الكثافات الطلابية؟!.. الإجابة صادمة، إذا علمنا أن عدد التلاميذ الذين يلتحقون سنويا بالمدارس، كطلاب جدد، 2 مليون طالب، وهذا العدد يزيد سنويا في ظل زيادة سكانية لا تتوقف، أيّ أن مصر لو لم تكن انتهت من مشكلة الكثافات الطلابية حاليا بـ400 مليار جنيه بناء مدارس، فإنها ستكون بحاجة إلى قرابة 800 مليار بحلول عام 2030، لكنها لم تدفع الـ 400 مليار، ولن تدفع الـ800 مليار، لأن الأزمة تقريبا انتهت مجانا، والأكثر من ذلك، أن بناء الفصول الجديدة لم يتوقف لخفض الكثافات إلى قرابة 38 طالبا بالفصل الواحد، كنفس معدلات الكثافة بالمدرسة الخاصة، بعد أن كانت بعض الفصول الحكومية تصل فيها الكثافات إلى مائتي طالب.

ولأن إضافة فصول جديدة، كانت بحاجة إلى معلمين، بالإضافة إلى العجز الموجود فعليا ويقدر بنحو 469 ألف معلم، فإن المشكلة في نظر كثيرين أصبحت شديدة التعقيد، لكنها في نظر وزارة التعليم، كانت سهلة إذا جرى التفكير خارج الصندوق، كما حدث مع مشكلة الكثافات الطلابية.. وحدث ذلك بالفعل، عندما انتهت الوزارة من توفير معلمين لجميع المواد الأساسية، بأكثر من آلية، الأولى، زيادة عدد أسابيع الدراسة وخفض نصاب كل مادة أسبوعيا، وبدلا من أن يكون مع المعلم فصلان فقط، أصبح معه ثلاثة فصول، وتم تعويض نقص نصاب المادة أسبوعيا، بزيادة عدد أيام الدراسة.

وجاءت الآلية الثانية، بمنح المعلم أحقية الحصول على حصص أكثر، بمقابل مادة بقيمة 50 جنيها للحصة الواحدة، مع مد الخدمة للمعلمين الذين سيخرجون على المعاش أثناء العام الدراسي، ليستمروا معلمين في نفس حصصهم وموادهم، مقابل حصولهم على نفس الراتب الشهري، مع الاستعانة بقرابة 160 ألف معلم بالحصة، أضيف عليهم المعلمون الذين جرى تعيينهم حديثا، في المسابقة التي أطلقها السيد الرئيس السيسي بتعيين 30 ألف معلم سنويا.

ولأن الفصول أصبحت مهيأة وبلا كثافات، ولأن المعلمين لم يعد بهم عجز، على الأقل في المواد الأساسية، وأمام إضافة درجات على الحضور والالتزام، وفي ظل تحديث أغلب المناهج من مرحلة رياض الأطفال حتى الصفوف الثانوية دفعة واحدة، بعدد 94 منهجا، عاد الطلاب إلى المدارس، وارتفعت معدلات الحضور من 9 في المائة إلى 87 في المائة، كمتوسط عام، بينما كانت معدلات الحضور في محافظات الوجه البحري وصعيد مصر، تقترب من، بل تتجاوز 90 في المائة.

صحيح أن هناك أميّة تعليمية لا تزال موجودة، لكنها نتيجة طبيعية لكل ما سبق، فلم تكن هناك فصول تتسع للطلاب، ولا معلمين يؤدون رسالتهم مع الطلاب، فكان الغياب عن المدرسة أمرا حتميا، وبالتبعية صارت مخرجات التعلم هشّة، والأمية مرتفعة، عندما كان النجاح والصعود للصف الأعلى يتوقف فقط على امتحان مدته ساعتان في نهاية التيرم، يذهب إليه الطالب، يكتب ما يكتب، وينجح، دون أن يخضع لتقييم أسبوعي، ولا يلتزم بواجبات، ولا يجلس أمام المعلم في الفصل، ولا يتواجد أصلا المعلم داخل الفصل، ومع ثقافة الاعتياد والاسترخاء، أصبحت عودة الطلاب للمدارس حالة شاذة عند البعض، بل جلبت انتقادات حادة للوزارة.

والجزء الأكبر من الانتقادات، ينفخ فيها من جارت الوزارة على مصالحهم، وهددت البيزنس الخاص بهم، ومنهم بعض أصحاب "السناتر" الذين كانوا يعتمدون كليّا على غياب الطلاب من المدارس، فأصبح "السنتر" هو المدرسة الأصلية، إضافة إلى بعض دور نشر الكتب الخارجية الذين عوّلوا على ضعف وهشاشة الكتاب المدرسي وثقل المناهج، عن سهو، أو عن عمد، كبيزنس يبدو مشتركا بين بعض واضعي المناهج ودور النشر، لأن الطالب عندما يجد المنهج تعجيزيا، فلن يكون لديه بديل سوى الكتاب الخارجي، ومن هنا يمكن تفسير تحرك الوزارة لتحديث المناهج وتبسيط مخرجات التعلم، بالتوازي مع إعداد كتب تقييمات لأول مرة في تاريخ الوزارة، عبارة عن ملخصات ومراجعات وامتحانات دورية تُغني الطالب بنسبة كبيرة عن الكتب الخارجية، لتضرب بيزنس "السناتر" وبيزنس "الكتب"، بحجر واحد.

لم يكن سهلا بالمرة، الانتهاء من تغيير 94 منهجا تعليميا في الصفوف الدراسية المختلفة خلال عام واحد، لأن الوزارة كانت تقوم بتطوير مناهج صف دراسي واحد كل عام ضمن نظام التعليم الجديد، بينما تنجح خلال أشهر قليلة في إنجاز 94 منهجا تعليميا من رياض الأطفال للثانوية العامة، وطباعتها وتسليمها للمدارس مع كتيبات تقييمات لكل مادة، والأهم من ذلك، أنها مملوكة ملكية خالصة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن ظلت المناهج عبر سنوات طويلة مضت، ملكية مؤسسات تربوية ودور نشر، وهي إشكالية أخرى جعلت الوزارة، والحكومة، في مرمى النيران، لأنها هددت "بيزنس" الكبار، وتملّكت ما لم تكن تمتلكه.

كل ذلك، ربما يفسر بوضوح، لماذا أمام كل هذه النجاحات، على مستوى إنهاء الكثافات وعجز المعلمين وعودة الطلاب للمدارس وتحديث هذا الكم من المناهج وتهافت الدول الأجنبية على عقد شراكات تعليمية مع مصر، لا تزال الوزارة والحكومة مستهدفة ومتهمة بالتقصير والإهمال في ملف التعليم.. ببساطة: لأن بعض الناس ربما لا تصدق أن ما حدث، بالفعل حدث في هذا التوقيت القياسي، بالتوازي مع انتفاضة أصحاب المصلحة والبيزنس المهدد بالاندثار، عندما أزيلت أغلب مسببات هذا البيزنس الضخم بحلول مجانية.

الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني التعليم

مواقيت الصلاة

الأربعاء 07:27 مـ
4 رجب 1447 هـ 24 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:15
الشروق 06:48
الظهر 11:54
العصر 14:42
المغرب 17:01
العشاء 18:24
البنك الزراعى المصرى
banquemisr