لماذا تعددت الطرق الصوفية؟.. يسري جبر يُجيب


أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن تعدد الطرق الصوفية هو تنوّع مشروع في أساليب تزكية النفس وتهذيبها، وليس كما يظن البعض بأنه اختلاف يؤدي إلى الفرقة أو التشتت، مشددًا على أن هذا التعدد هو رحمة من الله وتيسير لعباده، ليجد كل فرد ما يناسب حاله ونفسه في سبيل الوصول إلى الله تعالى.
وفي ردّه على سؤال حول "سبب تعدد الطرق الصوفية"، أوضح الدكتور يسري جبر، ببرنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن هذه الطرق هي وسائل تربوية تعتمد على أسس شرعية، جاءت لتعين المسلم على الاستقامة، وهي مستمدة من سيرة النبي محمد ﷺ، الذي استخدم أساليب تربوية مختلفة مع صحابته، بحسب طبيعة كل شخص واحتياجاته النفسية والروحية.
واستشهد بقوله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، مشيرًا إلى أن ورود "سبلنا" بالجمع يدل على أن لله تعالى طرقًا متعددة للهداية، كلها تؤدي إلى غاية واحدة هي رضا الله والوصول إلى النفس المطمئنة.
وأضاف أن هذه الطرق تراعي الاختلاف البشري في الطباع والأمزجة، وتمر بمراحل تناسب مختلف الأعمار والأحوال؛ ففي فترة الشباب قد يكون الجهاد بالنفس عبر طلب العلم بإخلاص، وفي فترة العمل بإتقان الصنعة، وفي الشيخوخة بكثرة الذكر والدعاء والتفرغ للعبادة.
وأشار إلى أن المنهج الصوفي يركز على محاربة أمراض النفس كالكِبر والرياء والشره، وأن من أبرز الوسائل التي اعتمدتها بعض الطرق الصوفية تهذيب النفس بالجوع، أي تعويدها على القناعة وعدم التعلق بالشهوات، اقتداءً بسنة النبي ﷺ القائل: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع".
كما لفت إلى أن من بين وسائل التزكية أيضًا كثرة الذكر، والمواظبة على النوافل، وخدمة الناس، وصلة الرحم، وبر الوالدين، مؤكدًا أن كل هذه المسالك تدخل ضمن ما وصفه القرآن بـ"سبل الله".
وشدد الدكتور يسري جبر على أن الدين واحد، ولكن أساليب التربية فيه متعددة، قائلاً: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة"، موضحًا أن التنوع لا يعني الانقسام، بل هو سعة ورحمة من الله تعالى، حتى يجد كل عبد طريقه الأنسب للسير إلى الله، وفقًا لحاله وتكوينه النفسي والروحي.
https://www.youtube.com/watch?v=2QcvUGFTI6M