اقتصادية الجيل: الجيش حمى الدولة من الانهيار وبنى أسس التنمية


قال المهندس إيهاب محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "الجيل الديمقراطي" بالإسكندرية، إن القوات المسلحة المصرية لعبت دورًا محوريًا في أبرز محطتين من تاريخ مصر الحديث، وهما ثورة 23 يوليو 1952 وثورة 30 يونيو 2013، مشددًا على أن الجيش في الحالتين لم يكن طامعًا في السلطة، بل كان ضمانة حقيقية لإرادة الشعب وحاميًا للدولة من الانهيار.
وأضاف "محمود"، في بيان، أن التاريخ المصري يُثبت أن الجيش لم يتدخل إلا عندما كانت الدولة تواجه خطرًا حقيقيًا، وفي كل مرة كان تدخله بمثابة فعل إنقاذ لا فعل استيلاء يسبق مرحلة انتقالية تفضي إلى دولة مدنية تعكس إرادة الجماهير.
وأوضح رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "الجيل الديمقراطي" بالإسكندرية، أن ثورة 23 يوليو، التي قادها الضباط الأحرار وعلى رأسهم محمد نجيب وجمال عبد الناصر جاءت تعبيرًا مباشرًا عن تطلعات شعب بأكمله عاش سنوات طويلة تحت حكم ملكي فاسد؛ خاضع للنفوذ البريطاني، وتًسيطر عليه أقلية إقطاعية وطبقية كانت تنهب ثروات البلاد، مشيرًا إلى أن ثورة 23 يوليو كانت لحظة تحول فارقة ليس فقط لأنها أنهت حكم أسرة محمد علي وأعلنت الجمهورية، بل لأنها أيضًا أطلقت مشروعًا وطنيًا للعدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة.
ولفت إلى أن تلك الثورة أنجزت خلال سنوات قليلة مجموعة من التحولات الكبرى، ومنها قانون الإصلاح الزراعي الذي قضى على الإقطاع، وأتاحه عام 1956، بالإضافة إلى إطلاق مشروع السد التعليم المجاني للجميع، وتأميم قناة السويس في العالي وتأسيس قاعدة صناعية وطنية ساعدت في نقل الاقتصاد المصري من الطابع الزراعي إلى نمط صناعي طموح.
وحول ثورة 30 يونيو، شدد المهندس إيهاب محمود على أن الشعب المصري أعاد خلالها التأكيد على رفضه لأي مشروع سياسي يسعى لاختطاف هوية الدولة أو احتكار مؤسساتها، موضحًا أن جماعة الإخوان الإرهابية التي تولت الحكم عقب ثورة 25 يناير 2011، لم تنجح في قوية واقتصاد متماسك، واحتواء كل أطياف المجتمع، بل مارست سياسات إقصائية تسببت في انقسام شعبي غير مسبوق، معقبًا: "كان واضحًا أن البلاد تسير نحو هاوية سياسية واجتماعية والاقتصاد بدأ ينهار والمؤسسات تفقد السيطرة، والساحة العامة تشهد محاولات لفرض فكر واحد، وهو ما دفع ملايين المصريين إلى النزول للميادين في مشهد غير مسبوق في حجمه وتنظيمه.
ونوه بأن الجيش المصري لم يتدخل من فراغ؛ بل استجاب لنداء شعب بأكمله طالب بالتغييروالحماية، وما حدث كان تصحيحًا لمسار ثورة يناير، وضمانًا لمدنية الدولة واستقرارها، موضحًا أن المؤسسة العسكرية تعاملت بحكمة شديدة في إدارة المرحلة الانتقالية، حيث وضعت خارطة طريق شاملة تضمنت تعطيل العمل بالدستور مؤقتا، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتعديل الدستور، ثم الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية وهو ما تم تنفيذه بالفعل خلال عام واحد.
وأشار إلى أن الجيش لم يفرض نفسه على السلطة؛ بل أدار المرحلة الانتقالية من موقع الضامن لا الحاكم، وعندما طالب الشعب الفريق عبدالفتاح السيسي بالترشح، لم يكن ذلك من داخل المؤسسة العسكرية، بل من الشارع نفسه، في مشهد يدل على مدى الثقة الشعبية، موضحًا أن السيسي لم يترشح للانتخابات الرئاسية إلا بعد تفويض شعبي واضح، وإجراء انتخابات حرة شهد لها الجميع، ما يؤكد أن المؤسسة العسكرية تحترم المسار الديمقراطي ولا تتدخل فيه إلا لحماية الدولة ومصالحها العليا.
واعتبر أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بين ثورتي 23 يوليو و 30 يونيو، أبرزها أن كلاهما جاء نتيجة لحراك شعبي واسع رفض نظاما قائما، واصطفت فيه القوات المسلحة إلى جانب الشعب لا السلطة، معقبًا: "في كلتا الثورتين، لعب الجيش دور الحامي وليس اللاعب السياسي في يوليو، واجه نظامًا ملكيًا فاسدًا، وفي يونيو واجه جماعة تسعى لتقويض الدولة من الداخل، وكان الهدف في الحالتين هو الحفاظ على وحدة الوطن وبناء مستقبل أفضل".
وأكد أن الجيش المصري لم تتغير عقيدته الوطنية منذ تأسيسه، حيث كان دائمًا جزءًا من نسيج الشعب يحمل همومه، وينحاز إلى تطلعاته، ويضع وحدة الدولة فوق أي حسابات سياسية، موضحًا أن الجيش المصري مختلف عن جيوش كثيرة في المنطقة، فهو لم يكن أداة قمع أو وسيلة طغيان، بل مؤسسة لها جذور في التاريخ، وتعاملها مع الأزمات دائما يقوم على مبدأ حماية الدولة من الانهيار، وليس التربع على كرسي الحكم.
وفي الشق الاقتصادي، أوضح أن كلتا الثورتين تركت آثارًا اقتصادية عميق، فبعد ثورة يوليو، انطلقت مصر في مشروع تنمية طموح شمل التصنيع المحلي، وإنشاء مصانع كبرى، وإنجازات في البنية التحتية، وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، أما بعد 30 يونيو، فقد بدأت الدولة في إعادة هيكلة الاقتصاد ومواجهة التحديات المزمنة مثل دعم الطاقة، وتدهور الخدمات العامة، وضعف الاستثمارات، وأطلقت الدولة مشروعات قومية كبرى مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية وشبكة الطرق، ومبادرات حياة كريمة، والتي انعكست على فرص العمل وتحسين بيئة الاستثمار، معقبًا: "ربما لم يشعر المواطن العادي فورًا بثمار الإصلاح، لكنه على المدى المتوسط والبعيد، سيجد أن ما تم إنجازه هو وضع الأساس الحقيقي للدولة.
واختتم قائلاً: "لقد أثبت التاريخ أن الشعب المصري حين يُقرر فإن إرادته لا تكسر، وأن جيشه حين يتدخل لا يفعل إلا لحماية هذه الإرادة، وفي عام 1952 أنهينا حقبة الاحتلال والملكية، وفي 2013 أنقذنا الدولة من الاختطاف والانقسام، واليوم نحن بحاجة لوعي جديد يُحافظ على هذه المكتسبات، ويواصل البناء على أسس سليمة بشراكة واعية بين الشعب ومؤسسات الدولة".